قانون مقترح للانتخابات الكويتية يمهد الطريق لإشهار الأحزاب السياسية
يجري التمهيد في الكويت لإقرار قانون انتخابي جديد يُستبدل فيه نظام الصوت الواحد بنظام القوائم النسبية، الأمر الذي يفتح الباب للسماح بتأسيس الأحزاب السياسية التي لا معنى للنظام الجديد بدونها.
وتنقسم الساحة السياسية الكويتية بين مؤيّد لإجازة إشهار الأحزاب باعتبارها وسيلة للارتقاء بالحياة السياسية، ورافض لها يرى أن وراء طرحها نوايا مبيتة لهيمنة تيارات بعينها على البلاد ولتقليص دور الأسرة الحاكمة.
وعمليا سيكون الإخوان المسلمون المستفيد الأول من الخطوة في حال إقرارها كون حزبهم في حكم الجاهز من خلال الهياكل التنظيمية المُحكمة التي أنشأوها منذ سنين طويلة تحت يافطة جمعية الإصلاح الاجتماعي التابعة لهم، وكذلك كتلتهم السياسية المعروفة باسم الحركة الدستورية الإسلامية “حدس”.
أما المستفيد الثاني من السماح بتأسيس الأحزاب، فيتمثّل بالتيار السلفي القوي في الكويت، خصوصا وأنّ أحد فروعه الحركة السلفية استبقت الأمر بسنوات طويلة وأعلنت عن تأسيسها حزب الأمّة وراحت من ثمّ تطالب بتشريع قانون لإشهار الأحزاب السياسية.
وبما أنّ الإخوان والسلفيين يشكلون التيارين الأكثر تنظّما في الكويت والأوسع قاعدة داخل المجتمع الكويتي ذي الطابع المحافظ والميال للتديّن، فإنهم مرشّحون للمزيد من الهيمنة على الحياة السياسية من خلال الانتخابات في حال أصبحت تجري بمشاركة الأحزاب وبالاستناد إلى نظام القوائم.
وانطلق النقاش بشأن قانون الأحزاب في الكويت من فكرة تجاوز قانون الصوت الواحد التي تحوّلت إلى شبه مُسَلّمة سياسية.
وكان القانون المذكور قد أقرّ سنة 2012 بمرسوم أصدره أمير البلاد الراحل الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ليحلّ محلّ نظام الأصوات الأربعة لكل ناخب، وذلك بهدف معلن هو الحدّ من ظاهرة استخدام المال السياسي وشراء الأصوات الانتخابية، وآخر مضمر يتمثّل في محاولة الحدّ من هيمنة المعارضة على مجلس الأمّة.
لكن الدورات الانتخابية التي جرت منذ ذلك الحين أظهرت أنّ أيا من الهدفين لم يتحقّق، بل إن تأثير العامل الفئوي والقبَلي على الانتخابات ازداد تعمّقا.
ومثّل ملتقى نظمته الثلاثاء اللجنة التشريعية والقانونية في البرلمان الكويتي تحت عنوان “نظام انتخابي متقدم لمشاركة شعبية فاعلة” بحضور برلمانيين حاليين وسابقين وفعاليات سياسية ومجتمعية، إطارا لمناقشة إقرار نظام انتخابي جديد.
وسرعان ما انصب النقاش على فكرة التحوّل من نظام الصوت الواحد إلى نظام القوائم النسبية.
ويقوم مشروع قانون تقدّم به رئيس مجلس الأمة (البرلمان) أحمد السعدون على إعادة تحديد الدوائر الانتخابية لعضوية المجلس، وينصّ على أن تُقسم الكويت إلى خمس دوائر انتخابية ويكون الترشح لعضوية المجلس في كل دائرة انتخابية بقوائم لا يجوز أن يزيد عدد المرشحين في أي منها في الانتخابات العامة على عشرة، ولا يزيد في الانتخابات التكميلية في كل قائمة على عشرة مرشحين إذا كان العدد المطلوب انتخابهم أكثر من ذلك، ولكن يمكن أن يقل العدد في القائمة في جميع الأحوال، فتكون حتى من مرشح واحد.
كما نص المقترح أيضا على ألا يُسمح للناخب بأن يصوت لأكثر من قائمة واحدة.
ويظهر عامل النسبية في كيفية احتساب الأصوات وتحديد الفائزين، حيث ورد ضمن بنود القانون المقترح أن فوز القائمة أو أي عدد من المرشحين فيها في الانتخابات العامة وفي الانتخابات التكميلية يعلن وفقا لأسبقية تسلسل أسماء المرشحين في نموذج الترشيح وذلك بقسمة جميع الأصوات الصحيحة التي أعطيت في جميع الدوائر الانتخابية على عدد الأعضاء المطلوب انتخابهم.
ودافع عدد من حضور الملتقى عن مقترح تغيير النظام الانتخابي من نظام الصوت الواحد إلى نظام النسبية. واعتبر السعدون أنّ الأمر بات ضروريا ولا يحتمل التأخير، فيما اعتبر محمد المطير نائب رئيس مجلس الأمة أن إقرار نظام القوائم النسبية ضرورة لمعالجة سلبيات نظام الصوت الواحد، وأيده في ذلك عضو اللجنة التشريعية النائب جراح الفوزان الذي قال إن مناقشة القانون لحظة مصيرية لتصحيح المسار السياسي، وكذلك النائب عبدالعزيز الصقعبي الذي رأى أن نظام القوائم يعالج الحالة الفردية لنقلها إلى طور العمل الجماعي.
وعلى الرغم من حالة التأييد الواسع لفكرة إقرار نظام القوائم النسبية، إلاّ أنّ الطريق أمام تجسيدها لن يكون ممهّدا بسبب بروز عائق أساسي يتمثل في الفكرة الموازية للنظام الجديد، والمسكوت عنها إلى حدّ الآن، وهي فكرة السماح بإشهار الأحزاب السياسية التي يبدو أنّها ما تزال تواجه معارضة راسخة داخل دوائر السلطة، لاسيما جهاتها العليا.
ويتطلّب إشهار الأحزاب في الكويت إجراء تعديل دستوري لتنقيح مادته الثمانين الخاصة بتشكيل مجلس الأمّة “من خمسين عضوا ينتخبون بطريق الانتخاب العام السري المباشر”، وذلك في غياب أي إشارة إلى الأحزاب أو الترشّح على أساس حزبي.
كما تحدّثت مصادر نيابية عن إمكانية وجود تحفّظ حكومي على تمرير قانون جديد للانتخابات، مبينة لصحيفة “السياسة” المحلية أنّ “الحكومة ستدرس خيار عدم المشاركة في التصويت على قانون الانتخاب الجديد والتعديلات المقدمة على اللائحة الداخلية للمجلس لدى طرحها للتصويت”.
كما ذكرت المصادر “أن الحكومة لا تعتقد بإمكانية الانتقال إلى العمل الحزبي في الكويت في المرحلة الراهنة، رغم الارتباط الوثيق لمقترح القوائم النسبية بفكرة الأحزاب”.