عباس هدد نتنياهو بإنهاء الاتفاقات ووقف التنسيق الأمني
أرسل الرئيس الفلسطيني محمود عباس رسالة إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أبلغه فيها بأنه سينهي كل الاتفاقات ويوقف التنسيق الأمني، إذا ما قامت حكومته بإعلان ضم الأغوار والمستوطنات في الضفة الغربية، بحسب ما نصت عليه صفقة القرن الأميركية.
وقالت مصادر لـ«الشرق الأوسط»، بأن رسالة عباس حملت أيضا تهديدات بأن على إسرائيل أن تواجه الشارع الفلسطيني وتتحمل مسؤولية احتلالها له، في إشارة إلى انهيار محتمل للسلطة. وأكدت القناة المتلفزة 12 الإسرائيلية، أن عباس بعث برسالة شديدة اللهجة إلى نتنياهو.
وجاء في الرسالة أن خطة السلام الأميركية هي بمثابة إلغاء تفاهمات أوسلو وأن السلطة ترى أنه يجوز لها في أعقاب ذلك التنصل من جميع الاتفاقيات مع إسرائيل، بما في ذلك التنسيق الأمني. كما هدد أبو مازن بأنه سيدعو الشارع الفلسطيني إلى الشروع بأعمال احتجاجية غير عنيفة.
وبحسب التقرير فإن وزير الشؤون المدنية الفلسطينية حسين الشيخ اجتمع مع وزير المالية موشيه كاحلون وسلمه الرسالة، قبل أن يطلب كاحلون ضرورة أن يتحلى الفلسطينيون بضبط النفس إلى ما بعد انتخابات الكنيست حيث ستتغير الأحوال حسب اعتقاده.
وتهديدات السلطة ليست الأولى من نوعها، بل توجد قرارات بهذا الشأن اتخذتها المجالس الوطنية والمركزية للسلطة وكذلك داخل منظمة التحرير، لكنها لم تدخل حيز التنفيذ بسبب الكلفة الكبيرة المتوقعة. وتخشى السلطة أن وقف التنسيق الأمني والتحلل من اتفاقات محددة، سيجلب ردا قاسيا من إسرائيل التي تتحكم في كل شيء، الأمن والمعابر والاقتصاد والماء والكهرباء والمال والبضائع، وهو ما يعني انهيار السلطة في النهاية.
وهذا القلق تضاعف بعد إعلان صفقة القرن وإبقاء القدس للإسرائيليين وضم المستوطنات والأغوار، إذ يرى المسؤولون الفلسطينيون أنه لم يتبقَ للسلطة شيء، لكنهم لا يذهبون كذلك إلى مواجهة مباشرة خشية خسارة كل شيء. وأكدت مصادر فلسطينية وإسرائيلية أن التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، مستمر على قدم وساق دون أي تغيير.
ويريد الرئيس الفلسطيني الحصول على دعم محلي عبر الوحدة مع حماس، وعربي من خلال اجتماع مجلس الجامعة العربية يوم السبت، ودولي من خلال مجلس الأمن خلال أسبوعين، قبل أن يأخذ أي خطوات مصيرية.
ويخطط الفلسطينيون للوحدة وإطلاق مظاهرات شعبية ومقاطعة إسرائيل. ويأمل الرئيس الفلسطيني بأن تغير الانتخابات في إسرائيل الوضع القائم الآن بانتظار أن تسقط صفقة القرن وحدها. ولهذا هدد نتنياهو على أمل إبطاء ضم الأغوار والمستوطنات. وتعترف الولايات المتحدة بحسب خطة ترمب بالمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، والتي تعتبر غير قانونية بموجب القانون الدولي، وكذلك الاعتراف بسيادة إسرائيل على غور الأردن وإعادة رسم دولة فلسطينية منزوعة السلاح تفي بمتطلبات إسرائيل الأمنية.
ووصف المسؤولون الفلسطينيون بعد قراءة متأنية لخطة ترمب بأنها خطة «أبارتايد» وبانتوستانات (كانتونات). وقال صائب عريقات يوم الأربعاء إن فريق ترمب قد «نسخ حرفيا» الخطة التي يريد نتنياهو ومجالس المستوطنين تطبيقها. وأضاف أن «خطة ترمب المسماة صفقة القرن، ما هي إلا الخطة التي أعدها نتنياهو ومجلس المستوطنات عام 2011 وعرضوها علينا حينها». وأضاف عريقات، أن ما أعلنه ترمب ونتنياهو من واشنطن، ليس بخطة سلام بل خطة أبارتايد.
هذا، وشدد رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، على «أن الخطة التي كشف عنها الرئيس الأميركي ترمب تقترح نظام فصل عنصري لا أكثر، وتعطي الشرعية لبرنامج استعماري في الضفة الغربية». وأوضح اشتية خلال لقاء تلفزيوني مع قناة CNN، أمس، «أن القيادة والشعب الفلسطيني رفضا هذه الخطة لأنها ببساطة تعطي القدس بشكل كامل للإسرائيليين، وتخلق تقسيما زمانيا ومكانيا في المسجد الأقصى، وتبقي على المستوطنات اليهودية على الأراضي الفلسطينية، بحيث يبقى 720 ألف مستوطن بشكل غير قانوني وغير شرعي على أراضينا». وأضاف أن «ما يقدمه الرئيس ترمب فعليا هو 60 في المائة من الـ22 في المائة من فلسطين التاريخية، أي يريد اقتطاع 40 في المائة من الأراضي الفلسطينية، بالوقت الذي كان من المفترض أن تضمن اتفاقية أوسلو كل الضفة وغزة للفلسطينيين ما يشكل الدولة الفلسطينية». وتابع «هذه الخطة ببساطة تخلق «بانتوستانات» فلسطينية ضمن دولة إسرائيل، ولا يمكن أن يقبل الفلسطينيون هذا الواقع بأي شكل من الأشكال»، مشددا على أن «هذه الخطة متحيزة 100 في المائة للإسرائيليين، وهي على انسجام كامل مع ما يريده نتنياهو، لأنه هو كاتبها، إذ تحمل نفس لغته وأفكاره وخطاباته التي سمعناها وقرأناها سابقا». واستهجن المسؤول الفلسطيني، أن الخطة المقترحة «ليس فيها سيادة للفلسطينيين ولا سيطرة على المعابر، ولا تتحدث عن إفراج عن الأسرى الفلسطينيين، والأهم من ذلك، كسر الأمر الواقع في الحرم الشريف»، معتبرا أن المبادرة تمثل تراجعا للوراء لا تقدما للأمام. وقال اشتية إن «الولايات المتحدة لا تستطيع منح أشياء لا تمتلكها».