الدبيبة يتحدى تطلع عقيلة صالح إلى الإطاحة به

الدبيبة لا يريد تسليم السلطة

طرابلس

رد رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبدالحميد الدبيبة على حديث رئيس مجلس النواب عقيلة صالح عن إمكانية تشكيل حكومة جديدة موحدة قبل نهاية العام الجاري، بالتأكيد على أن هدف الجميع يجب أن يكون إجراء انتخابات وإصدار دستور دائم للبلاد لضمان استقرارها.

وقال الدبيبة خلال لقاء جمعه بأعيان قبائل الزنتان المعروفة بقربها من مجلس النواب والحكومة المنبثقة عنه، إنه يجب أن يعمل الجميع على إصدار دستور دائم للبلاد، بالتوازي مع إجراء الانتخابات المرتقبة، مشددا على “ضرورة وحدة البلاد واستقرارها ودعم الجهود الوطنية لإجراء الانتخابات، وفق قوانين عادلة ونزيهة”، وفق تقديره.

وجاء موقف الدبيبة بعد ساعتين من حديث صالح عن أهمية وجود سلطة تنفيذية واحدة في البلاد وإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وإشارته إلى أنه سيتم تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية شهر ديسمبر لتكون لدى ليبيا حكومة واحدة مصغرة تذهب بالبلاد إلى الانتخابات، معتبرا أن القوانين الانتخابية جاهزة ولا تقصي أحدا وتتيح للشعب الليبي اختيار من يحكمه دون إقصاء أو تهميش لأي ليبي.

واستبعدت أوساط ليبية مطلعة أن يتم تشكيل حكومة جديدة قبل نهاية الشهر الجاري، وأكدت أن مجلس النواب أعجز من أن يطيح بحكومة الوحدة الوطنية التي رغم نهاية ولايتها، إلا أنها لا تزال تحظى بشرعية الاعتراف الدولي، وتحتكم على علاقات جيدة مع القوى الإقليمية والدولية المؤثرة في الملف الليبي.

وأضافت الأوساط أن الدبيبة يتصرف على أنه مستمر في الحكم إلى العام 2025 على الأقل، ولديه ضمانات دولية بإبقائه في منصبه إلى حين حل القضايا الإقليمية الطارئة سواء في دول الجوار الجنوبي أو في منطقة شرق المتوسط. 

وتابعت أنه في حال أقدم مجلس النواب على تشكيل حكومة جديدة، فإنها ستكون نسخة جديدة من الحكومات المنبثقة عنها والتي تمارس الحكم في مناطق نفوذ الجيش الوطني دون غيرها، ولا تحظى بأي اعتراف من المجتمع الدولي، كما أن حكومة الدبيبة لديها من التحالفات الميدانية ما يساعدها على البقاء في السلطة بغطاء مباشر من سلاح الميليشيات والقوات التركية وجحافل المرتزقة المنتشرة في المنطقة الغربية.

وسبق للدبيبة التأكيد على أن حكومته “مستمرة في عملها بشكل طبيعي وباعتراف دولي إلى حين عقد الانتخابات”، مشددا على أن “الحكومة القادمة ستكون ناتجة عن سلطة منتخبة ولا تراجع في ذلك”.

وأوضح أن استمرار حكومته “هو الضمان الوحيد للضغط على كل الأطراف حتى يذهبوا إلى الانتخابات، وغير ذلك فإنهم سيستمرون في صفقة التمديد”.

ويظهر الدبيبة في المشهد العام كمدافع عن إرادة الشعب في تنظيم الانتخابات وفق قوانين متفق عليها من جميع الفرقاء، وكداعم لجهود المجتمع الدولي، بما في ذلك المبادرة الأممية التي رفضها مجلس النواب وقيادة الجيش.

وكان رئيس مجلس الدولة محمد تكالة أوضح خلال مقابلة تلفزيونية أجريت معه في موسكو أن “الخطوة القادمة مع البرلمان ورئيسه عقيلة صالح سيتم التوافق فيها على توحيد السلطة التنفيذية قبل إجراء الانتخابات”، مشيرا إلى “ضرورة تفعيل الاتفاقات المبرمة بين لجان المجلسين وتجاوز الاتفاقات الشخصية بين الرئيسين”. 

لكن تكالة لم يحدد موعدا لتشكيل الحكومة الجديدة كما فعل صالح، وإنما ترك المجال مفتوحا في سياق التجاذبات بين الفرقاء الأساسيين في طرابلس وبنغازي، وكذلك في إطار سياسة المساومة والمقايضة بهدف خدمة هذا الطرف أو ذاك.

ويرى مراقبون أن أهم عملية مقايضة تجري حاليا من وراء الستار هي تلك المتعلقة بالمناصب السيادية، حيث يتم الحديث عن اتفاق رئيسي مجلسي النواب والدولة على توحيد ثلاث مؤسسات رقابية سيادية وتعيين رؤساء لها، وهي ديوان المحاسبة، وهيئة مكافحة الفساد، وهيئة الرقابة الإدارية.

ويأتي ذلك في سياق حلحلة ملف المناصب السياسية الذي لا يزال عالقا منذ يناير 2021 تاريخ التوقيع على اتفاق بوزنيقة بالمملكة المغربية والذي نص على توزيع تلك المناصب بناء على المعيار الجغرافي على أقاليم ليبيا الثلاثة، حيث منح إقليم برقة منصبا محافظ ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية، وإقليم طرابلس ديوان المحاسبة والمفوضية العليا للانتخابات، وإقليم فزان هيئة مكافحة الفساد والمحكمة العليا، على أن تراعى التشريعات الليبية النافذة في تولي منصبي النائب العام لطرابلس ورئيس المحكمة العليا لفزان.

وتم في أواخر نوفمبر الماضي، تسريب أخبار عن توجيه رئاسة مجلس الدولة رسالة مطولة إلى رئاسة مجلس النواب، ضمنتها مقترحات بتسمية سبعة مرشحين لكل منصب من المناصب الثلاثة على أن يختار مجلس النواب منهم مرشحا واحدا لكل منصب.

لكن عضو مجلس النواب عبدالمنعم العرفي اعتبر أن تحركات تكالة من أجل فتح ملف المناصب السيادية كان بالتنسيق مع الدبيبة ليس من أجل التوافق على تعيين شخصيات جديدة على رأسها وفق اتفاق بوزنيقة، ولكن من أجل الضغط على محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق الكبير لتنفيذ متطلباتهم لا غير، لاسيما في ظل الخلافات الحادة معه.

وتوقعت مصادر ليبية أن يجتمع صالح وتكالة منتصف ديسمبر الجاري، بهدف التطرق إلى جميع الملفات العالقة بينهما، وذلك على ضوء نتائج اجتماعها الذي انعقد في القاهرة في التاسع من نوفمبر الماضي، والذي بحثا فيه موضوع تشكيل حكومة جديدة وشغل المناصب السيادية في ليبيا، كما استعرضا تطورات الموقف الراهن في البلاد، واتفقا على استمرار التشاور حول الأزمة السياسية، للوصول إلى حل ليبي – ليبي يحقق تطلعات الشعب الليبي ومصالحه.

وينتظر أن تتيح هذه الخطوة إمكانية التوافق بين المجلسين على منصبي رئيس المفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومحافظ مصرف ليبيا المركزي، وبالتالي الانطلاق في الملف الأكثر تعقيدا وهو المتعلق بالقوانين الانتخابية لاسيما في ظل الإطاحة بالمبادرة الأممية التي كانت تتمحور بالأساس حول عقد اجتماع خماسي بين كل من رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ورئيس مجلس النواب والقائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر ورئيس مجلس الدولة الاستشاري ورئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها.