المخابرات التركية تعمل على إضعاف الهيكل القيادي لوحدات حماية الشعب

الوجود الأميركي لا يؤثر على خطط تركيا

الحسكة

غيرت تركيا خططها في الحرب التي تخوضها ضد أكراد سوريا، بالتركيز على عمليات “جراحية” تستهدف الهيكل القيادي لوحدات حماية الشعب، الذراع العسكرية للحزب الديمقراطي الكردي.

وأعلنت مصادر أمنية الاثنين عن قيام جهاز الاستخبارات التركي باغتيال باغر أوندش، الملقب بـ”عاكف آمد” والمسؤول عن المسيّرات المستخدمة في تل رفعت بريف حلب.

وتم رصد مقتل أكثر من عشرة قياديين أكراد خلال الأشهر الأخيرة، غالبيتهم ضمن الهيكل القيادي لوحدات حماية الشعب، وآخرين ينشطون في الفروع، مثل مجلس منبج العسكري التابع لقوات سوريا الديمقراطية والمجالس الأخرى.

ويقول متابعون إن تركيز تركيا على بنك أهداف محدد يهدف إلى إضعاف البنية التنظيمية لوحدات حماية الشعب، التي تعد العمود الفقري لقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، وتعتبرها تركيا امتدادا لحزب العمال الكردستاني.

ويشير المتابعون إلى أن تركيا تستفيد من صمت الإدارة الأميركية حيال عمليات الاغتيال الجارية، والتي طالت رؤوسا كبيرة في التنظيم لعل أبرزها القيادي شبلي ديريك. ونجحت تركيا في اغتيال ديريك في أكتوبر الماضي، بطائرة مُسيّرة استهدفت منزله في ريف الحسكة، شمال شرقي سوريا.

ويشكل ديريك صيدا ثمينا بالنسبة إلى تركيا التي سبق وأن حاولت اغتياله خلال الأشهر الماضية، وتمكنت في إحدى المحاولات من إصابته إصابة بالغة.

وعمل القيادي الكردي كمنسق لقسد مع التحالف الدولي ضد داعش، ولطالما ظهر في فيديوهات وصور وهو يشرف على عمليات تدريب لمقاتلين بالتنسيق مع قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

ولم تمض أيام قليلة على اغتيال ديريك حتى أعلنت الاستخبارات التركية عن تصفية إدريس علي سوباشي، واصفة إياه بـ”المسؤول الأيديولوجي” للتنظيم الكردي.

كما أعلنت الاستخبارات التركية في الثالث والعشرين من شهر نوفمبر المنقضي “تحييد” فخرالدين طولون، وهو قيادي بارز في وحدات حماية الشعب، ويتهم بتوريد الأسلحة والذخائر إلى حزب العمال في العراق وإيران وإلى الوحدات في سوريا. ويثير صمت واشنطن حيال ما تقوم به تركيا تململا داخل وحدات حماية الشعب، وقال القائد العام لقسد عبدي مظلوم مؤخرا إن أنقرة تستغل ظروف المنطقة للتصعيد بشمالي سوريا، وإن الضربات التي تشنها تقوّض الحرب ضد تنظيم داعش ، مشيرا إلى أن الرد الأميركي “الضعيف على تلك الهجمات يفقد ثقة الأكراد بشركائهم الأميركيين ويشجع أعداء قوات سوريا الديمقراطية”.

ونادرا ما تكشف الوحدات الكردية عن أسباب وفاة أو مقتل قيادييها، وبشأن مقتل ديريك وسوباشي اقتصرت على بيان قالت فيه إنهما “توفيا في مستشفيين بمدينة الحسكة”، دون أي تفاصيل إضافية.

ويقول الباحث التركي في مركز “عمران للدراسات الإستراتيجية” عمر أوزكيزيلجيك إن “الضربات الجوية التركية المتواصلة تهدف إلى الإضرار بالهيكل القيادي لحزب العمال الكردستاني ووحدات حماية الشعب”.

ويضيف أوزكيزيلجيك في تصريحات لموقع “السورية. نت” أنه “من خلال تنفيذ الضربات الجراحية تعاقب تركيا أيضاً شخصيات وحدات حماية الشعب المسؤولة عن الهجمات ضد الأتراك”.

وجاء استهداف تركيا لقيادات وحدات الشعب بعد غارات جوية، استهدفت بنى عسكرية ومدينة في شمال شرق سوريا، على خلفية هجوم تعرض له مبنى وزارة الداخلية في أنقرة في أكتوبر الماضي من جانب شخصين اثنين قالت السلطات التركية إنهما قدما من شمال سوريا، فيما تبنى حزب العمال الكردستاني العملية.

ويشير الباحث التركي إلى “نقطة هامة” حسب رأيه، وهي أن “الولايات المتحدة حاولت في الماضي إقناع تركيا بالتمييز بين شخصيات وحدات حماية الشعب السورية وغير السورية ولم تقبل تركيا بذلك”.

كما حاولت الولايات المتحدة أيضا “إقناع تركيا بعدم الإضرار على الأقل بالشخصيات التي يعمل معها الأميركيون بشكل وثيق ولم تقبل ذلك أيضاً”.

ويضيف أن “الضربات التركية في سوريا والعراق منسقة وتظهر أنه لا يوجد فرق بين حزب العمال الكردستاني وفرعه السوري وحدات حماية الشعب”.

ويقول أسامة شيخ علي الباحث في مركز “عمران” إن الضربات والعملية التركية تخلفان آثاراً سلبية على الوحدات من ناحية تحييد القادة وتحدثان “خلخلة في سلسلة القيادة والأوامر”.

ويستدرك شيخ علي بالقول في حديث لـ”السورية. نت” إن “الخلخلة والتأثير مؤقتان، لأن وحدات حماية الشعب تنظيم أيديولوجي، وبالتالي يتم تدريبه وتغذية عناصره وأعضاؤه فكرياً كما حال الجانب التقني واللوجستي”.

ولا يرى الباحث السوري أن فقدان عدة شخصيات محورية سيكون له تأثير حاسم على مستقبل الوحدات الكردية.