عام الازمات الحادة لنظام الملالي

عام الازمات الحادة لنظام الملالي

لقد کان العام 2024، عاما مريرا ومر ثقيلا على نظام الملالي لکن ما کان أقسى وأقوى مرارة وتأثيرا على النظام هو نهاية العام عندما شاهد الملا خامنئي ونظامه بحسرة بالغة کيف إن نظام حليفهم الاستراتيجي في سوريا الدکتاتور بشار الاسد قد سقط.

عام الازمات الحادة لنظام الملالي

الخلیج بوست

عام الازمات الحادة لنظام الملالي


سعاد عزيز
کاتبة مختصة بالشأن الايراني
(Suaad Aziz)

 

لقد کان العام 2024، عاما مريرا ومر ثقيلا على نظام الملالي لکن ما کان أقسى وأقوى مرارة وتأثيرا على النظام هو نهاية العام عندما شاهد الملا خامنئي ونظامه بحسرة بالغة کيف إن نظام حليفهم الاستراتيجي في سوريا الدکتاتور بشار الاسد قد سقط.
مع إن ما جرى في العام 2024، کان إستثنائيا وغير مسبوقا من حيث التأثيرات السلبية على النظام، لکن العام 2025، ومنذ بدايته أدرك النظام بأنه يسير على منحدر يسير نحو هاوية سحيقة وإنه ومع سرعة الانحدار لا يتمکن من أن يتدارك نفسه، وهذا ما يمکن لمسه بوضوح على ما يجري حاليا في إيران، حيث يمر النظام بفترة عويصة جدا لا يعرف کيف يتخطاها ويتجاوزها إذ يجد النظام نفسه محاصرا من كل الجهات بسلسلة من الأزمات المتزامنة التي تضرب عمق سلطته وشرعيته. من مفاوضات معقدة مع الولايات المتحدة إلى التصدع المتزايد داخل تركيبة النظام، ومن انهيار المحور الإقليمي الذي بناه عبر وكلائه إلى التآكل المتسارع في قاعدته الاقتصادية، كلها عوامل تسير نحو نقطة التلاقي والانفجار.
غير إنه وفي خضم هذا التعدد في مصادر التهديد، تظهر بوضوح حقيقة الهاجس الأول لخامنئي: الخوف من المجتمع الإيراني الغاضب، المترقب لانفجار شامل نتيجة الفقر والقمع والفوارق الطبقية. فمهما كان مصير المفاوضات مع الغرب، فإن القلق الذي يسيطر على قادة النظام، وتحديدا خامنئي، يتمحور حول رد فعل المجتمع على نتائج هذه المفاوضات، وما يمكن أن تشكله من شرارة تشعل فتيل غضب مكبوت منذ عقود.
وفي هذا السياق، يفهم لجوء النظام إلى تصعيد الإعدامات بشكل متزامن مع انطلاق المفاوضات. إنها رسالة مدروسة إلى الداخل، تهدف إلى إرهاب المجتمع وكبح أي تحرك محتمل. فالتجربة علمت السلطة أن الانفجارات الكبرى لا تنتظر طويلا، ولا تنذر قبل وقوعها.
الخلاصة أن خامنئي لم يعد يخشى الخارج بقدر ما يخشى الداخل. التهديد الحقيقي لسلطته لا يأتي من واشنطن ولا من تل أبيب، بل من شوارع طهران، وأحياء مشهد، وأزقة الأهواز. هذا هو القوس الذي تنحني تحته كل الحسابات: شعب جائع، مسحوق، ومقهور… لكنه لم يعد صامتا.
ولذلك، فإن ما يشغل خامنئي في هذه المرحلة ليس فقط مستقبل الاتفاق النووي، بل كيفية منع المجتمع من التحول إلى ساحة اشتعال. لكن في ظل هذا الاحتقان، ومع غياب أي أفق للإصلاح، لا تبدو سياسة الإعدامات والقمع كافية لإيقاف زحف الغضب الشعبي. فالأزمات التي أفرزها النظام بنفسه، باتت اليوم تدق أبوابه وتطالبه بالرحيل.