المقاومة الإيرانية تكشف وتفند مشروع النظام الإيراني السري لتطوير الأسلحة النووية تحت اسم “خطة كوير”

المقاومة الإيرانية تكشف وتفند مشروع النظام الإيراني السري لتطوير الأسلحة النووية تحت اسم “خطة كوير”

مهدي عقبائي

في العاشر من يونيو 2025، كشفت المعارضة الإيرانية، ممثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، عن تفاصيل مشروع سري جديد لتطوير الأسلحة النووية في إيران، يحمل اسم “خطة كوير”.

المقاومة الإيرانية تكشف وتفند مشروع النظام الإيراني السري لتطوير الأسلحة النووية تحت اسم “خطة كوير”

الخلیج بوست

 

في العاشر من يونيو 2025، كشفت المعارضة الإيرانية، ممثلة في المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI)، عن تفاصيل مشروع سري جديد لتطوير الأسلحة النووية في إيران، يحمل اسم “خطة كوير”. يُعد هذا المشروع استمرارًا وتطويرًا لمشروع “آماد” السابق، لكنه يتسم بمزيد من السرية والتعقيد، ويعكس إصرار النظام الإيراني على امتلاك قدرات نووية عسكرية رغم الضغوط الدولية المتزايدة. تأتي هذه المعلومات استنادًا إلى شبكة منظمة مجاهدي خلق داخل إيران، وتؤكدها تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الأخيرة.
الخلفية التاريخية وتطور البرنامج النووي
بدأت إيران منذ أواخر تسعينيات القرن الماضي بتكثيف جهودها لتطوير برنامج نووي ذي طابع عسكري. ففي عام 1999، أُطلق مشروع “آماد” بهدف تصنيع خمسة رؤوس نووية يمكن تركيبها على صواريخ شهاب-3. جرى هذا المشروع عبر تعاون وثيق بين منظمة الطاقة الذرية الإيرانية ووزارة الدفاع، مع نقل مئات الخبراء إلى القطاع العسكري. إلا أن كشف موقع “لوفيزان-شيان” عام 2003 على يد المعارضة الإيرانية أدى إلى اضطرار النظام لإيقاف المشروع مؤقتًا وإعادة هيكلته. رغم ذلك، بقيت البنية التحتية والتقنية محفوظة، وتم نقل العديد من الخبراء إلى مواقع أخرى سرية.

بحسب المعلومات التي حصلت عليها المعارضة، أصدر المرشد الأعلى علي خامنئي في عام 2009 أوامر مباشرة باستئناف وتوسيع البرنامج النووي العسكري تحت اسم جديد: “خطة كوير”. تم وضع هذا المشروع تحت إشراف مؤسسات تابعة للنظام، وبقيادة منظمة الابتكار والأبحاث الدفاعية (SPND)، التي أُعيد هيكلتها لتصبح أكثر استقلالية وفعالية في تطوير الأسلحة النووية.
أهداف ومكونات خطة كوير
تسعى “خطة كوير” إلى تطوير أسلحة نووية متقدمة عبر تغطية أنشطتها ببرامج مدنية مثل تصنيع صواريخ إطلاق الأقمار الصناعية. يتركز النشاط الأساسي في مناطق صحراوية بمحافظة سمنان، مع امتدادات نحو طهران وقم، حيث تم إعلان أجزاء واسعة من سمنان منطقة عسكرية مغلقة منذ 2009. تم تأسيس مواقع عسكرية عديدة في هذه المنطقة، مستفيدة من غطاء “أمن الصحراء” لإخفاء الأنشطة الحقيقية.
تتضمن الخطة تطوير رؤوس نووية ذات قدرة تدميرية أكبر وزيادة مدى الصواريخ الحاملة لها، بما يتجاوز 3000 كيلومتر، ما يعزز من قدرة إيران على تهديد خصومها الإقليميين والدوليين. يتم العمل على تطوير هذه الرؤوس تحت غطاء تطوير صواريخ حاملة للأقمار الصناعية، مثل صاروخ “سيمرغ” (وقود سائل) وصاروخ “قائم-100” (وقود صلب).
البنية الأمنية والجغرافية للمشروع
قسم النظام محافظة سمنان إلى ثلاث مناطق أمنية:
المنطقة الحمراء: مواقع عسكرية يُمنع دخول المدنيين إليها بالكامل (تشكل 9% من مساحة المحافظة).
المنطقة الصفراء: مناطق تحت السيطرة العسكرية مخصصة للتجارب الصاروخية والمدفعية، وهي منطقة حظر طيران وتتطلب إذنًا خاصًا للدخول (تشكل 27% من المحافظة).
المنطقة الزرقاء: مناطق يُسمح فيها للمدنيين بالتواجد، لكن نصفها تقريبًا محميات طبيعية تخضع لرقابة مشددة.

تشمل المواقع الرئيسية المرتبطة بالمشروع:
موقع “رنگين كمان” (إيوانكي)
موقع رادار “غدير”
مجمع “معراج-1” لتطوير رؤوس صواريخ “سيمرغ”
مركز تدريب “الإمام رضا” (موقع شاهرود الصاروخي)، بالإضافة إلى مواقع سنجريان
موقع سرخ حصار
وبارتشين
وكلها تلعب أدوارًا متخصصة في تطوير المكونات النووية أو إجراء الاختبارات التفجيرية والجيوفيزيائية.
إجراءات التمويه والحماية الأمنية
اعتمد النظام الإيراني منظومة أمنية معقدة لحماية المشروع، شملت:
إنشاء وحدة أمنية خاصة باسم “أمن كوير”.
تأسيس قاعدة استخباراتية للحرس الثوري باسم “صاحب الزمان”.
إزالة طرق استراتيجية من الخرائط الرسمية لمنع الأجانب من الوصول إلى المواقع الحساسة.
مراقبة المناطق بالطائرات المسيرة والكاميرات الذكية وتقنيات التعرف على الوجوه.
فرض رقابة مشددة على تحركات الأجانب، خاصة الباحثين والسياح الغربيين، مع تكرار حالات الاعتقال والاستجواب.
تخضع جميع المواقع لمراقبة جوية عبر طائرات استطلاع خفيفة وطائرات بدون طيار، وتستخدم كاميرات متطورة للتعرف على الأشخاص القادمين إلى المناطق الحساسة. كما يتم استخدام تقنيات المراقبة الفضائية للحفاظ على السيطرة المعلوماتية الكاملة.
مواقع المشروع ودورها التقني
تتوزع الأنشطة النووية بين عدة مواقع، منها:
SPND (مقرها مبنى “نور” في طهران): مركز القيادة والإشراف على تطوير الأسلحة النووية.

موقع شاهرود: تطوير رؤوس نووية لصواريخ “قائم-100” ذات الوقود الصلب.

موقع سمنان: تطوير رؤوس لصواريخ “سيمرغ” ذات الوقود السائل، بالإضافة إلى إجراء اختبارات أخرى.

موقع إيوانكي: تصنيع مكونات أساسية للرؤوس النووية.

موقع سنجريان: تطوير مولدات موجات الصدمة لتفجير الرؤوس النووية.

موقع سرخه حصار: إجراء اختبارات جيوفيزيائية وتحت الأرض.

موقع بارشين: إنتاج المواد المتفجرة وإجراء اختبارات متعلقة بالرؤوس النووية.

أما مشروع “آماد” السابق، فقد شمل مواقع مثل لويزان-شيان (مركز القيادة)، جتشين (استخراج اليورانيوم)، فوردو (تخصيب اليورانيوم)، سنجريان (تطوير مولدات الصدمة)، آباده (اختبارات النيوترون)، محلاتي (تصنيع الهياكل المعدنية)، ميدان (اختبارات تحت الأرض)، بروجردي (تجميع نهائي)، وهمت (تركيب الرؤوس على الصواريخ).
الدلالات السياسية والأمنية
تكشف خطة كوير عن تحول استراتيجي في تكتيكات النظام الإيراني، حيث بات يعتمد على التمويه والاندماج بين البرامج المدنية والعسكرية لتجاوز الرقابة الدولية. تؤكد التقارير الأخيرة للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى جانب أربع مؤتمرات صحفية للمعارضة الإيرانية خلال الأشهر الستة الماضية، أن إيران كثفت جهودها للحصول على السلاح النووي، ما يهدد أمن المنطقة ويقوض الاتفاقيات الدولية.
تطالب المقاومة الإيرانية والمجتمع الدولي بتفعيل آلية “العودة السريعة للعقوبات” (Snapback) وإغلاق جميع المواقع النووية الإيرانية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، في ظل اقتراب انتهاء بعض القيود الدولية في أكتوبر المقبل.

الخلاصة
لقد أكدت المقاومة الإيرانية، وعلى رأسها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، طيلة أكثر من ثلاثة عقود، أن النظام الحاكم في طهران لم يتخلَّ في أي لحظة عن طموحه في امتلاك القنبلة النووية. فقد كشفت المقاومة مرارًا وتكرارًا، عبر وثائق وتقارير دقيقة، أن جميع برامج النظام النووية، سواء تحت اسم “آماد” أو “خطة كوير”، لم تكن سوى واجهة لمشروع عسكري يهدف إلى إنتاج أسلحة دمار شامل. ورغم كل عمليات التمويه والتضليل التي مارسها النظام، ظلّت المقاومة الإيرانية الصوت الأعلى الذي يحذّر المجتمع الدولي من خطورة التغاضي عن هذه الأنشطة.
إلا أن سياسة المساومة والتساهل التي اتبعتها بعض القوى الدولية، وخاصة في السنوات الأخيرة، منعت اتخاذ أي إجراء حاسم أو ردع فعال ضد النظام الإيراني. هذا التراخي الدولي أتاح للنظام فرصة ذهبية لتعزيز بنيته التحتية النووية وتطوير تقنياته العسكرية تحت غطاء المشاريع السلمية أو برامج الفضاء. إن استمرار هذا النهج لا يشكل فقط تهديدًا مباشرًا لأمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط، بل يقوّض أيضًا مصداقية المنظومة الدولية لمنع الانتشار النووي.
من هنا، تؤكد المقاومة الإيرانية مجددًا أن أي تأخير أو تهاون في مواجهة هذا التهديد سيعني عمليًا السماح للنظام الإيراني بالاقتراب أكثر من عتبة تصنيع القنبلة النووية. وحده التحرك الدولي الحازم، عبر تفعيل آلية العودة السريعة للعقوبات وإغلاق جميع المواقع النووية تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يمكنه أن يضع حدًا لهذا الخطر الداهم ويعيد الأمل في تحقيق الأمن والسلام الإقليمي والدولي.