تصعيد خطاب الحرب للتغطية على الهزيمة

تصعيد خطاب الحرب للتغطية على الهزيمة

موسى أفشار

في أعقاب حرب الأيام الاثني عشر، التي تلقى خلالها النظام الإيراني ضربات موجعة أضرت ببنيته العسكرية والأمنية، ارتفعت أصوات ممثلي الولي الفقيه في خطب صلاة الجمعة عبر مدن إيران،

تصعيد خطاب الحرب للتغطية على الهزيمة

الخلیج بوست

في أعقاب حرب الأيام الاثني عشر، التي تلقى خلالها النظام الإيراني ضربات موجعة أضرت ببنيته العسكرية والأمنية، ارتفعت أصوات ممثلي الولي الفقيه في خطب صلاة الجمعة عبر مدن إيران، ليس للدعوة إلى التهدئة أو إيجاد حلول دبلوماسية، بل للتحريض على استمرار الصراع ورفض أي مفاوضات. هذه التصريحات، التي أُطلقت في مدن مثل طهران ومشهد، تأتي كمحاولة يائسة لإخفاء الهزيمة الاستراتيجية التي مُني بها النظام، وإظهار قوة زائفة وسط حالة من الضعف غير المسبوق. في طهران، أعلن الملا تقوي، أحد ممثلي خامنئي، أن "الحديث عن السلام هو خدعة غربية تهدف إلى إذلال إيران"، مضيفًا في محاولة لتعبئة القواعد القمعية: "شعبنا يقظ، وقد تلقينا تقارير تفيد بمئات الآلاف من البلاغات عن أنشطة مشبوهة خلال أيام الصراع، مما يعكس وحدتنا ضد الأعداء".

تناقضات تكشف الضعف الداخلي

في مدينة يزد، ذهب الملا كاشاني، ممثل آخر للولي الفقيه، إلى أبعد من ذلك، معتبرًا أن المطالب الدولية بوقف البرنامج النووي هي محاولة لفرض "الاستسلام" على إيران. وقال: "لن نسمح لأمريكا وأتباعها بتحقيق أحلامهم بكسر إرادتنا، بل سنواجههم بكل قوة". لكن هذه التصريحات العدائية تتعارض مع اعترافات مسؤولين آخرين بحجم الخسائر. في مدينة شيراز، أقر الملا صمداني بمقتل العشرات في ضربات استهدفت منشآت عسكرية، مشيرًا إلى أن "العدو حاول النيل من عزيمتنا، لكننا ما زلنا صامدين رغم الخسائر البشرية والمادية". هذه التناقضات تكشف عن محاولة النظام لإخفاء ضعفه المتفاقم، حيث أدت الضربات إلى تدمير جزء كبير من قدراته العسكرية، مما زاد من الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الشعب الإيراني، الذي يعاني من الفقر والتضخم.

البرنامج النووي: ركيزة بقاء النظام

تؤكد هذه التصريحات على الأهمية الحيوية للبرنامج النووي بالنسبة للنظام، الذي يراه بمثابة "بوليصة تأمين" لبقائه في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية. رفض النظام التفاوض حول التخصيب النووي يعكس تمسكه بهذا البرنامج كأداة للحفاظ على سلطته، حتى لو كان ذلك على حساب الشعب الإيراني، الذي يتحمل وطأة العقوبات الدولية والأزمات الاقتصادية. في الوقت نفسه، تتصاعد الدعوات الدولية للحد من طموحات إيران النووية، مع ضغوط من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لتشديد العقوبات. لكن النظام يواصل التصعيد، مستخدمًا خطاب الحرب لتعزيز تماسكه الداخلي وردع المجتمع الدولي عن زيادة الضغط عليه.

الضغوط الداخلية والدولية

على الصعيد الداخلي، يواجه النظام استياءً شعبيًا متزايدًا بسبب تدهور الأوضاع المعيشية والقمع المستمر. الشعب الإيراني، الذي يعاني من ارتفاع الأسعار والبطالة، بدأ يفقد الثقة بخطاب النظام العدائي، وتتزايد الدعوات للتغيير الجذري. في الوقت نفسه، تواجه إيران عزلة دولية متصاعدة، حيث يضغط المجتمع الدولي للحد من دعمها للجماعات المسلحة مثل الحوثيين في اليمن، الذين قد يصبحون ورقة تفاوض في المحادثات النووية. تقليص الدعم للحوثيين قد يفتح الباب لتسوية في اليمن، لكن النظام يتردد خوفًا من فقدان نفوذه الإقليمي.

خاتمة: خطاب الحرب لا يغطي الهزيمة

إن تصعيد النظام الإيراني لخطاب الحرب ليس سوى محاولة لإخفاء هزيمته الاستراتيجية بعد حرب الأيام الاثني عشر. الخسائر العسكرية والأمنية، إلى جانب الضغوط الداخلية والدولية، تضع النظام في موقف ضعف غير مسبوق. تصريحات ممثلي الولي الفقيه، التي تحاول إظهار القوة، لا تستطيع إخفاء الواقع: الشعب الإيراني، الذي تجاوز هذا النظام، يستعد لانتفاضة قد تغير وجه إيران. الزمن، الذي كان يُعتبر حليف الطغاة، أصبح الآن في صالح الشعب، مُقربًا لحظة الحساب التاريخي.