قلق من سيطرة سعودية على سوق الغاز..
قلق قطري من سيطرة سعودية على سوق الغاز يدفع الدوحة إلى تغيير مواقفها
تصاعد منسوب القلق القطري من سيطرة سعودية مستقبلية على سوق الغاز، الأمر الذي دفع الدوحة إلى التفكير الجدي بتغيير مواقفها السياسية من أجل مصالحها كدولة تعتمد على إنتاج الغاز.
ومن المرجح أن تكشف قمة مجلس التعاون الخليجي التي تستضيفها الرياض هذا الأسبوع، المواقف القطرية من جيرانها بعد المقاطعة التي فرضت عليها من قبل السعودية والإمارات والبحرين قبل عامين.
وقال وزير الدولة السعودي للشؤون الخارجية عادل الجبير بعد دعوة أمير قطر الشيخ تميم بن حمد إلى المشاركة في قمة الرياض الخليجية إن “تغير الموقف مع قطر مرهون بخطوات منها”.
ويمكن أن يحدد إنتاج الغاز الطبيعي كيفية تطور العلاقات بين الحكومات الخليجية الغنية بالنفط في حالة عودة قطر إلى محيطها الخليجي، الأمر الذي يرجح إنشاء تحالف يمكن للغاز فيه أن يضع دول الخليج كجهات فاعلة رئيسية في صياغة مستقبل الطاقة في منطقة أوراسيا. ويمهد ازدهار إنتاج الغاز وتقديمه كبديل بيئي للنفط لتشكيل كارتيل غازي يوازي أوبك النفطي.
ويرى خبراء غربيون أن من مصلحة قطر أن تتراجع عن مواقف سياسية وتنفذ مطالب السعودية والإمارات، مع صعود منتجين آخرين في حوض البحر المتوسط مثل مصر وقبرص، وأن تتعاون مع السعودية في مستقبل صناعة الغاز.
ومن المحتمل أن يفتح إنهاء المقاطعة الباب أمام إنشاء شبكة غاز إقليمية في الوقت الذي تخطط فيه قطر لزيادة إنتاجها السنوي من الغاز الطبيعي المسال بنسبة 64 بالمئة إلى 126 مليون طن بحلول عام 2027، بينما تستثمر السعودية ما يصل إلى 150 مليار دولار أميركي لتصبح لاعبا رئيسيا في مجال الغاز.
وستسهل الشبكة خطط ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، لتنويع اقتصاد البلاد. وسيمكن ذلك السعودية من الاستفادة من حقيقة أن إيران تعاني من معوقات بفعل عقوبات الولايات المتحدة في جهودها للحفاظ على وضعها كمنتج رئيسي في خدمة الأسواق الأوروبية الآسيوية.
إلا أن المحلل السياسي الأميركي جيمس دورسي المتخصص بالشرق الأوسط يرى أن التخطيط لبناء شبكة إقليمية أسهل من تنفيذه حتى لو نجحت دول الخليج في التخلي عن خلافاتها. وأن استعداد السعودية وقطر لأن تصبحا معتمدتين على بعضهما البعض من المرجح أن يستغرق بعض الوقت.
وسيكون مستوى التمثيل القطري في قمة الرياض الخليجية مؤشرا على مدى إحراز تقدم، وعما إذا ستنفذ الدوحة مطالب الدول المقاطعة بشأن التخلي عن دعم الإخوان المسلمين والتحريض على دول الجوار عبر قناة الجزيرة.
ولم تكن فكرة الكارتل الغازي موجودة قبل أزمة المقاطعة الخليجية لقطر، حيث عارضت السعودية في البداية إنشاء خط أنابيب دولفين للغاز، وهو أول مشروع للغاز عبر الحدود في المنطقة يربط قطر بالإمارات وسلطنة عمان.
ومن شأن إنهاء المقاطعة على قطر أن يعزز بشكل كبير الخطط السعودية التي أعلنت في أوائل عام 2019 لإقامة شبكة للغاز الطبيعي مع الإمارات وعمان تمتد في النهاية إلى الكويت والبحرين والعراق والأردن ومصر وربما فلسطين.
وتأتي التحركات المحتملة لتعزيز التعاون في مجال الغاز في الخليج مع ظهور شرق البحر المتوسط كمنافس محتمل، لاسيما في الصادرات المستقبلية إلى أوروبا وآسيا والصين.
وكشفت اكتشافات ضخمة للغاز في المياه الإسرائيلية والقبرصية والمصرية أن عيون الصناعة تدور حول حوض الشام، والذي وفقا لتقديرات 2010 الصادرة عن هيئة المسح الجيولوجي الأميركية، يمكن أن يحتوي على 122 تريليون قدم مكعبة من الغاز الطبيعي، أي ما يعادل احتياطي العراق.
ويقول خبراء الطاقة إن الغاز القطري يمكن أن يساعد على تنفيذ خطط ولي العهد السعودي بدرجة كبيرة في ترشيد سوق الطاقة في السعودية في وقت يلقي فيه تغير المناخ شكوكا على استدامة النفط.
وقدر مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية أن السعودية أحرقت حوالي 900 ألف برميل من الوقود السائل للاستخدام الصناعي وتوليد الطاقة في عام 2017.
وقال أندي كريتشلو، رئيس أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في مؤسسة “أس آند بي غلوبال بلاتس”، “إن استبدال الغاز الطبيعي بالنفط يمكن أن يولد أكثر من 10 مليارات دولار أميركي من عائدات التصدير الإضافية بأسعار السوق الحالية. وتعد قطر واحدة من أرخص الطرق بالنسبة للسعودية لإزالة النفط بالكامل من توليد الطاقة”.
وبينما قد تكون قطر على استعداد لمساعدة السعودية بمجرد رفع المقاطعة، فمن المؤكد أنها ستضمن عدم اعتمادها على صادرات الغاز إلى المملكة.
ومن المحتمل أن تكون قطر قد فهمت خطط السعودية لتصبح لاعب غاز عالميا. وتمتلك الرياض رابع أكبر احتياطي للغاز في العالم لم تتمكن حتى الآن من تطويره.
وسبق وأن عبر أمين ناصر، الرئيس التنفيذي لشركة أرامكو، عن توقعه بأن تستثمر السعودية على نطاق واسع في قطاع الغاز على مدى السنوات العشر القادمة. وتوقع ناصر زيادة إنتاج الغاز من 14 مليار قدم مكعبة قياسية إلى 23 مليار قدم بحلول عام 2030.
وقال “نتطلع إلى التحول من مجرد إرضاء صناعة المرافق فقط في المملكة، وهو ما سيحدث خاصة مع زيادة الطاقة المتجددة والنووية لتصبح مصدرا للغاز ومنتجاته”. ووضعت قطر خططها المركزة على صادرات الغاز بعد أن قررت الانسحاب من منظمة الدول المصدرة للنفط من أوبك.