أنشطة تركيا

بومبيو يقود حملة تصعيد ضد تركيا قبيل مغادرة ترامب البيت الأبيض

دشّن وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، فصلا جديدا من فصول الحملة التي يقودها ضد تركيا حيث اتهمها بأنها قوّضت تماسك حلف شمال الأطلسي (الناتو) وأنها لم تلتزم بمبادئه وأعماله وذلك في وقت يتأهب فيه بومبيو وفريق دونالد ترامب لتسليم مقاليد الحكم للرئيس المنتخب جو بايدن الذي تتوجس أنقرة كثيرا من عهدته خاصة أنه وعد بدعم المعارضة التركية.

وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو

أنقرة

يقود وزير الخارجية الأميركية، مايك بومبيو، حملة تصعيد لافتة ضد تركيا وذلك مع اقتراب مغادرة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب للبيت الأبيض، حيث بات بومبيو يكرر انتقاداته اللاذعة لتدخل أنقرة في عدد من النقاط عبر العالم سواء في ليبيا أو سوريا أو غيرها.

وتأتي هذه الحملة كامتداد لهجمة دشنها بومبيو تستهدف تدخلات أنقرة ودورها السلبي في حلف شمال الأطلسي، الناتو، منذ مطلع نوفمبر الماضي بالرغم من التساهل الأميركي الكبير في عهدة ترامب حيال أنشطة أنقرة التوسعية.

واتهم بومبيو، مساء الثلاثاء، تركيا بعدم الالتزام بمبادئ وأعمال حلف الناتو وتقويض تماسكه وفقا لما أوردته صحيفة كاتيميرني اليونانية.

وتُثير هذه الانتقادات المتتالية توجسا كبيرا في تركيا قبل إمساك الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن مقاليد الحكم خاصة وأنه وعد في السابق بدعم المعارضة التركية وهو ما قد يجعل من الرئيس رجب طيب أردوغان في مرمى تحركات أميركية محتملة لتقديم الدعم الكافي للمعارضة في تركيا. 

ووصف بومبيو، خلال اجتماع لوزراء الخارجية عبر تقنية “فيديو كونفرانس”، أنشطة أنقرة في شرق البحر المتوسط، وليبيا، وسوريا، وإقليم قره باغ بـ”الاستفزازية”، مشيرا إلى أن “امتلاك تركيا لمنظومة صواريخ ‘أس-400’ كان بمثابة هدية لروسيا، من حليف في الناتو”، حسب ما ذكرت المصادر الدبلوماسية للصحيفة اليونانية.

وأكدت الصحيفة نقلا عن هذه المصادر، أن وزير الخارجية الأميركي أوضح أن “آلية عدم التضارب” العسكرية المتفق عليها بين أثينا وأنقرة، في أكتوبر، معطلة “بسبب تركيا”.

وتترقب تركيا بكثير من الخوف وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض في 20 يناير القادم كرئيس للولايات المتحدة، باعتبار أن ذلك قد يعصف بأجنداتها الإقليمية على عدة جبهات حيث عُرف بايدن بمواقفه المتشددة تجاه أردوغان، وذلك بعد تراخٍ ملحوظ من قبل إدارة ترامب.

وفي سابقة في العلاقات الدبلوماسية بين واشنطن وأنقرة، وإشارة ذات دلالة واضحة، قام بومبيو الشهر الماضي بزيارة لإسطنبول ركّزت على “الحرية الدينية” في البلاد من دون أن تتضمن أي لقاءات مع المسؤولين الأتراك رغم مساعيهم الحثيثة لذلك.

وبدأ بومبيو هذه الزيارة التي أثار برنامجها انتقادات أنقرة واحتجاجات موالين لحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، بلقاء مع بطريرك القسطنطينية المسكوني برتلماوس الأول، الزعيم الروحي للكنيسة الأرثوذكسية، في مقر البطريركية قبل أن يقوم بجولة في مسجد رستم باشا القريب.

وكانت تركيا قد أثارت موجة انتقادات في العالم المسيحي في يوليو عبر تحويلها كاتدرائية آيا صوفيا السابقة، المصنفة ضمن التراث العالمي للبشرية، إلى مسجد بعدما كانت حولتها سابقا إلى متحف. وعبرت الخارجية التركية حينها عن امتعاضها من برنامج زيارة بومبيو مؤكدة أن الحرية الدينية “محمية” في تركيا.

وكان بومبيو التقى قبل زيارة إسطنبول مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وقال لصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية “الرئيس ماكرون وأنا أمضينا الكثير من الوقت في مناقشة تصرفات تركيا الأخيرة واتفقنا على أنها شديدة العدائية”.

وأشار خصوصا إلى “دعم تركيا لأذربيجان في نزاعها مع أرمينيا” و”حقيقة أنّها زرعت قوات سورية في المنطقة أيضاً”، في إشارة إلى مرتزقة سوريين أكّدت يريفان أنّ أنقرة أرسلتهم لمؤازرة القوات الأذربيجانية في ناغورني قره باغ. وأضاف “بحثنا أيضاً في ما تقوم به تركيا في ليبيا حيث أدخلت أيضاً قوات من دول أخرى، وأفعالها في شرق البحر المتوسط، والقائمة تطول”.

وشدّد الوزير الأميركي على أنّ موقف بلاده هو أنّ “تدويل هذه الصراعات مؤذٍ ويضرّ بكل الدول المعنية، لذلك طالبنا كلّ الدول بوقف تدخّلها في ليبيا، سواء كانت روسيا أم تركيا أم سواهما”.

وأضاف “الشيء نفسه في أذربيجان” حيث إنّ “الاستخدام المتزايد للقدرات العسكرية التركية يقلقنا”. واعتبر بومبيو أنّه “يجب على أوروبا والولايات المتحدة العمل معًا لإقناع أردوغان بأنّ مثل هذه الأعمال لا تصبّ في مصلحة شعبه”.

وتُضاف هذه المواضيع إلى الخلافات بخصوص شراء أنقرة نظام الصواريخ الروسية أس - 400 والذي يفترض أن يؤدي، بحسب القانون الأميركي، إلى عقوبات أميركية لكن تركيا حصلت على إرجاء من ترامب الذي كان حريصا كما يبدو على الحفاظ على علاقته الجيدة مع أردوغان.

ولكن الجيش التركي قام مؤخراً بتجربة صواريخ أس - 400، وبالنسبة للولايات المتحدة هذا الأمر يشكل خطا أحمر. وحذرت الخارجية في الآونة الاخيرة من أنه “يجري التفكير في العقوبات” وأنه “احتمال فعلي جدا”.

وتأتي هذه التطورات في وقت يُحاول فيه حلف الناتو إصلاح نفسه من الداخل وذلك بعد الانتقادات اللاذعة التي كادت تعصف بتماسكه في نهاية العام الماضي، والتي كانت تقف خلفها سياسات تركيا التوسعية في كل من ليبيا وسوريا والتي جعلت الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يدخل في تلاسن حاد مع نظيره التركي.