حزم فرنسي في التعامل مع "التطرف"

حملة فرنسية ضد "الانفصالية الإسلامية" تستهدف 74 مسجدا

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

باريس

أطلقت فرنسا تحركا وصفته بأنه غير مسبوق لمواجهة “الانفصالية الإسلامية” وذلك في أعقاب هجمات متتالية تعرضت لها البلاد هذا العام بالتزامن مع تصريحات للرئيس إيمانويل ماكرون أثارت غضبا في البلدان العربية والإسلامية.

وأعلن وزير الداخلية جيرالد دارمانان مساء الأربعاء، أن أجهزة الدولة ستنفّذ في الأيام المقبلة “تحركا ضخما وغير مسبوق ضدّ الانفصالية” يستهدف “76 مسجدا”.

وكتب دارمانان في تغريدة له على تويتر “بناء على تعليماتي، ستُطلق أجهزة الدولة تحرّكا ضخما وغير مسبوق ضدّ الانفصالية”.

وأضاف أنّه “سيتمّ في الأيام المقبلة تفتيش 76 مسجدا يشتبه بأنها انفصالية، وتلك التي يجب إغلاقها سيتمّ إغلاقها”.

ووفقا لمعلومات نشرتها صحيفة لوفيغارو، وأكّد صحّتها مقرّبون من وزير الداخلية الفرنسي، فإنّ دارمانان أرسل في 27 نوفمبر مذكرة إلى مدراء الأمن في سائر أنحاء البلاد توضح بالتفصيل الإجراءات الواجب اتّخاذها بحقّ هذه المساجد التي تتوزّع على 16 في باريس ومنطقتها و60 في سائر أنحاء البلاد.

ويوجد 18 مسجدا من بين دور العبادة هذه التي سيتم استهدافها، قد تواجه إجراءات فورية يمكن أن تصل إلى حد إغلاقها.

وأوضحت المصادر أنّ ثلاثة من هذه المساجد الـ18 تقع في نطاق بلدية سين سان دوني، مشيرة إلى أنّ أحدها رفض الالتزام بقرار أصدره رئيس البلدية وقضى بإغلاقه.

والثاني أغلق في 2019 لكنّه استمرّ في إقامة الصلاة. أما الثالث فقد صدر قرار أمني بإغلاقه لكنّ أجهزة الدولة لم تتحقّق ممّا إذا كان قد أغلق فعلا أم لا.

ويأتي الإعلان عن هذه العملية الأمنية قبيل أيام من الجلسة التي سيعقدها مجلس الوزراء الأربعاء المقبل للنظر في مشروع قانون يرمي إلى “تعزيز المبادئ الجمهورية” من خلال محاربة “الانفصالية” والتطرّف الإسلامي.

وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أكّد في مقال نشرته صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية في مطلع نوفمبر أنّ “فرنسا تخوض حربا ضدّ الانفصاليّة الإسلاميّة وليس ضدّ الإسلام”.

وتأتي هذه الحملة في وقت كانت فيه فرنسا خاضت مواجهة مع جماعات الإسلام السياسي وكذلك المنظمات المقربة من الإخوان في البلاد حيث حلت في وقت سابق على غرار تنظيم الذئاب الرمادية المتطرف.

وكان دارمانان قد أعلن خلال جلسة برلمانية، عن إغلاق السلطات 73 مسجدا ومدرسة خاصة ومحلا تجاريا منذ مطلع العام الجاري، لدواع تتعلق بـ”مكافحة التطرف”.

وتُحاول باريس التأسيس لإسلام فرنسي من خلال منع سيطرة جماعات متطرفة على الخطاب الديني حيث شملت الإجراءات التي أقرتها السلطات الفرنسية في هذا السياق الإشراف على المؤسسات التعليمية الدينية، وإغلاق المؤسسات والجمعيات المتطرفة، وطرد الأئمة الأجانب الذين يحرّضون على العنف والمواطنين مزدوجي الجنسية المتورطين في أنشطة إرهابية والمهاجرين غير الشرعيين، وتشديد المراقبة على الشبكات الاجتماعية، وزيادة الميزانيات والقوى العاملة لعمليات الاستخبارات والمراقبة.

وأعلن دارمانان أيضا أن مجلس الوزراء حل بشكل رسمي التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا، والذي يتهمه بأنه “بؤرة إسلاموية تعمل ضد الجمهورية الفرنسية”، وذلك في أعقاب جريمة قتل المدرس الفرنسي صامويل باتي ذبحا.

وقال الوزير في تغريدة على تويتر “بناء على أوامر الرئيس إيمانويل ماكرون، تم حل التجمع المناهض للإسلاموفوبيا في فرنسا، خلال اجتماع مجلس الوزراء الأربعاء. فمنذ سنوات، يقوم هذا التجمع بالدعاية الإسلاموية”.

وكانت منظمة “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” قد استبقت قرار حلها وسارعت إلى تصفية كافة نشاطاتها في البلد الأوروبي ونقلها إلى الخارج، الأمر الذي عدّه مراقبون محاولة من جانب التنظيم للانحناء أمام عاصفة دول القارة لمواجهة الإرهاب والتطرف.

ويعتبر “التجمع المناهض للإسلاموفوبيا” إحدى المنظمات المقربة من تجمع مسلمي فرنسا، الفرع الفرنسي لتنظيم الإخوان الذي كان يعرف لسنوات باسم “اتحاد المنظمات الإسلامية بفرنسا”.

وقالت المنظمة إن مجلس إدارتها قرر تصفية نشاطها في فرنسا ونقله إلى دولة أخرى، من دون الكشف عن المكان الجديد الذي ستعمل منه، موضحة أنها نقلت “جزءا كبيرا من أنشطتها إلى جمعيات شريكة ستتولى مكافحة الإسلاموفوبيا”.

ويأتي ذلك بعد أيام من مصادقة القضاء الإداري على قرار الحكومة الفرنسية بحل منظمة “بركة سيتي” السلفية، بتهم تتعلق بالتطرف ونشر خطاب يدعو إلى الكراهية.