بهدف التجسس والتعبئة..

مَن هم “ربع الله” الذين ينشرون الهلع بين صفوف العراقيين

صورة لمجموعة لعناصر ميليشيا “ربع الله” في إحدى التظاهرات ببغداد- وكالات

واشنطن

يتداول العراقيون مقاطع فيديو مصوَّرة وصوراً على منصات التواصل الاجتماعي، لانتهاكاتٍ بشعة واعتداءات غير إنسانية تقوم بها عناصر ميليشيا مقربة من إيران، تطلق على نفسها اسم “ربع الله”؛ إذ تواصل هذه العصابة الإرهابية نشر الرعب والخوف والهلع بين صفوف العراقيين والتعدي على حرياتهم الشخصية، بحجة تطبيق الشريعة والقانون.

قبل أيام، اقتحمت هذه المجموعة مركز مساج وسط العاصمة العراقية بغداد، في خطوة اعتبرها ناشطون مؤشراً على غياب القانون وتصاعد نفوذ الجماعات المتشددة في البلاد؛ ليس هذا فحسب بل قامت تلك الجماعة بتبني عمليات اقتحام مقرات فضائيات وأحزاب سياسية وسط بغداد، فضلاً عن استهداف المحتجين الشباب في ساحات التظاهر، أمام مرأى ومسمع من الأجهزة الأمنية الحكومية التي غالباً ما تأخذ دور المتفرج.

وكانت هذه الميليشيا قد تبنَّت، خلال الأشهر الماضية، عملية اقتحام قناتَي “إم بي سي عراق”، وعاثت فيها خراباً وسرقت وحطمت أجهزة البث، إضافة إلى إحراق وتخريب محطة “دجلة” المحلية، بنفس الأسلوب دون أن يحاسبها أحد؛ فهي تتصرف خارج إطار الدولة، وتتحدى سلطة الحكومة العراقية وأجهزة الأمن.

ظهور قريب

في مطلع العام الحالي، ظهرت هذه الميليشيا على أرض الواقع؛ وبالأخص بعد عملية الاغتيال التي طالت قائدَ “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني، ونائبَ رئيس هيئة الحشد الشعبي أبا مهدي المهندس؛ وهي جماعات تعبئة شعبية تتبع التنظيمات والكوادر الداخلية للفصائل الموالية لإيران في العراق، وتحديداً كتائب حزب الله وحركة النجباء وعصائب أهل الحق وسرايا الخرساني، واقتصرت مهمتها الأساسية في البداية على التغلغل في صفوف المتظاهرين وجمع المعلومات عنهم؛ من أجل تنفيذ عمليات اعتقال واغتيال بحقهم، لقمع المحتجين وإجهاض التظاهرات الشعبية في بغداد والمحافظات الجنوبية من العراق. ثم انتقلت إلى عملٍ آخر هو استهداف القوات الأمريكية من خلال إطلاق صواريخ الكاتيوشا بين الوقت والآخر على المنطقة الخضراء والقواعد العسكرية؛ بحجة الثأر لسليماني والمهندس.


صورة لمجموعة لعناصر ميليشيا “ربع الله” في إحدى التظاهرات ببغداد- وكالات
 الباحث بالشأن السياسي العراقي عبدالقادر النايل، علق لـ”كيوبوست”، قائلاً: إن ميليشيات ما يُسمى “ربع الله” هي اسم يختفي خلفه المكتب الأمني التابع لميليشيات “حزب الله” العراقية؛ لغرض عدم تسليط الضوء عليهم بشكل أكبر، ولتجنب إثبات هويتهم في الأعمال الإجرامية التي يرتكبونها بحق الشعب العراقي، وعدم إعطاء مستمسك قانوني على مسؤوليهم المعروفين في الساحة العراقية.

وأضاف النايل أن هذه الميليشيات يديرها شخص لبناني من ميليشيات “حزب الله” اللبنانية، التي أرسلت 100 شخص لتدريب ميليشيات الحشد الشعبي بطلب رسمي من مسؤول “فيلق القدس” الإيراني قاسم سليماني، وقبل أن يطلق عليها اسم “ربع الله”، كانت هذه الجماعة تحت قيادة “الخال” المعروف بأبي فدك، والذي ارتكب مجازر وحشية بحق المتظاهرين السلميين في العراق، وذاكرة العراقيين لن تنسى “مجزرة السنك” التي ارتكبوها ورفعوا اسم الخال كدلالة على مسؤولهم.


عبدالقادر النايل
 أما أعمالهم الأخيرة التي امتازت بحرق مقرات لقنوات فضائية أو اقتحام دور المساج والفنادق، فهي من أجل الابتزاز المالي لأصحاب هذه المقرات؛ لذلك مَن يدفع لهم فلن يتعرضوا إليه مطلقاً، ولدينا معلومات دقيقة من مصادر أمنية رفيعة بأنهم يحمون مقرات مساج تدفع لهم، فضلاً عن صالات الروليت وغيرها، وهذا الأسلوب، أي طريقة الابتزاز لجمع المال، جاء بعد أن أصاب الإيرانيين عجزٌ ماليٌّ حقيقي في تمويل أنشطة ميليشياتهم خارج الحدود، وذلك بسبب العقوبات الأمريكية التي فرضتها إدارة ترامب.

وأوضح النايل لـ”كيوبوست” قائلاً: للأسف الشديد حكومة الكاظمي تعلم بأدق التفاصيل عن أسماء وتحركات ميليشيات “ربع الله”، وفي اللقاء الأخير الذي جمع قاآني ومصطفى الكاظمي في بغداد، طلب هذا الأخير أن يتدخل مسؤول “فيلق القدس” الإيراني؛ لإيقاف نشاطات “ربع الله”.

شرطة مجتمعية

بدوره، علَّق المحلل السياسي العراقي مهند الجنابي، لـ”كيوبوست”، قائلاً: إن ميليشيا ما تُسمى بـ”ربع الله” ليست بجديدة ولا غريبة على مشهد الميليشيات، عندما يحصل في ظلِّ غياب القانون وهيبة الدولة، والعراق عانى كثيراً هذه الفصائل والميليشيات بجميع مسمياتها التي ترتبط ارتباطاً مباشراً بالحرس الثوري الإيراني والإطلالات الإيرانية.


مهند الجنابي
وأكد الجنابي أن تشكيل ميليشيات كهذه هو أشبه بما يُسمى بالشرطة المجتمعية أو استنساخ نموذج تجربة “داعش”؛ فهما وجهان لعملة واحدة، وهذه وسيلة لإخافة الناس وإرهابهم وفرض سلطتهم بقوة السلاح؛ فظهرت حركة “ربع الله”، وحركة “أبي جداحة” التي تنسب نفسها إلى جمهور مؤيدي الحشد الشعبي.

أما مدير مركز توثيق جرائم الحرب في العراق عمر الفرحان، فعلَّق لـ”كيوبوست” بقوله: يأتي تشكيل ميليشيات من هذا النوع خارجة عن إطار الدولة؛ خصوصاً في عهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، ليثبت العجز الحكومي الواضح؛ لأن معظم هذه الميليشيات أسهمت في اختيار الكاظمي رئيساً لوزراء العراق، والحكومة ولدت من رحمها، الأمر الذي يجعل حكومة الكاظمي غير قادرة على ضبط السلاح المنفلت أو حصره بيدها؛ وبالتالي لا تقوى على إيقاف الانتهاكات.


عمر الفرحان
وأشار الفرحان إلى أن هذه الميليشيات أثَّرت بشكل كبير على حقوق الإنسان بالعراق، من خلال التعدي على الحريات الشخصية، ومصادرة الحقوق باسم الله.


 وختم الفرحان حديثه لـ”كيوبوست” بالقول: إن عناصر “ربع الله” الإرهابية شنَّت في الفترة الأخيرة سلسلة من العمليات الإجرامية، ومارست انتهاكاتٍ فظيعة ضد الناشطين والمتظاهرين في ساحة الحبوبي بالناصرية جنوبي العراق المطالبين بالحرية والعيش الكريم.