18 ألف معتقلة منذ الانقلاب المزعوم
تقرير حقوقي يوثق انتهاكات تركيا ضد المرأة

الرئيس التركي رجب طيب أردوغان
في أحدث تقرير حقوقي يوثق انتهاكات حكومة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان وحزب العدالة والتنمية الحاكم في البلاد، أصدرت مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان تقريرًا، تناول تصاعد ظاهرة العنف ضد المرأة، والتي تضاعفت مع انتشار وباء كورونا.
وأرجع التقرير وجاء تحت عنوان «سياسات عنصرية: تصاعد حوادث العنف ضد المرأة في تركيا»، أسباب هذا إلى تصاعد الخطاب الإعلامي السلبي للحكومة التركية تجاه المرأة إلى جانب ممارسات الأجهزة الأمنية والمؤسسات القضائية، والتي ساهمت في التغاضي عن المشكلة، وزيادة جرائم العنف ضد المرأة وخصوصًا العنف الأسري.
وأكد التقرير أن خطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عن المساواة بين المرأة والرجل، والذي اعتبر فيه أن المرأة ليست على قدم المساواة مع الرجل، ساهم في زيادة جرائم العنف ضد المرأة عن طريق تعميق القوالب النمطية السائدة ضدها، والنظرة السلبية لدورها في المجتمع.
وأوضحت «ماعت» أن تركيا تحتل المركز الـ130 من بين 153 دولة في مؤشر المساواة بين الجنسين للعام 2020، فضلًا عن انخفاض معدلات الأجور ومعدلات التعليم مقارنة بالرجال، الأمر الذي ساهم بشكل أساسي في زيادة معدلات العنف ضد المرأة في المجتمع، كما ذكر التقرير أن ما مجموعه 1،015،337 حادثة عنف وقعت ضد المرأة خلال الفترة من 2014 و2019؛ ما أدى إلى وفاة 1890 امرأة، وفقًا لبيانات وزارة الداخلية التركية، في الوقت الذي رصدت فيه منظمات المجتمع المدني أضعاف هذا الرقم من الوفيات في صفوف النساء؛ نتيجة العنف الممارس ضدهن، إذ سجلت 2248 حالة وفاة خلال نفس الفترة.
تغاضي الحكومة عن الخطاب المعادي للمرأة
ويرجع أيمن عقيل رئيس مؤسسة «ماعت» ارتفاع معدلات العنف ضد المرأة في تركيا إلى أسباب عديدة من بينها، أن جهود الحكومة التركية للحد من الظاهرة شكلية تتعلق بإقرار سياسات وقوانين، دون وجود ممارسات وجهود حقيقية على أرض الواقع للحد من الظاهرة.
وأضاف أن التغاضي عن الخطابات المعادية للمرأة يكرس المزيد من العنف ضدها، ووجود مجموعة من القوانين لحماية المرأة من العنف الأسري لا يعني حمايتها ما لم توجد ممارسات فعلية من الحكومة التركية للحد من الظاهرة، إذ إن التغير الشكلي يجب أن يتبعه مجموعة من السياسات الفعالة القابلة للتطبيق.
وأشار «عقيل» إلى أن الوضع المزري الذي آلت إليه حقوق المرأة في تركيا، ما هو إلا نتيجة ممارسات النظام الحالي الذي ينظر إلى المرأة نظرة دونية، وبدا ذلك جليًّا من خلال تصريحات الرئيس التركي في أكثر من مناسبة بأنه لا يمكن المساواة بين الرجل والمرأة، وأن هذا مخالف للفطرة البشرية، كما وصف الرئيس التركي النساء اللاتي لسن أمهات بـ«الناقصات»، وكان قبلها قد حث الأمهات على إنجاب ثلاثة أطفال على الأقل، واعتبر تنظيم النسل خيانة، الأمر الذي يدل على عقلية السياسة الحاكمة لتركيا تجاه المرأة.
اضطهاد ممنهج
بدوره، يقول شريف عبد الحميد، مدير وحدة الأبحاث والدراسات بـ«ماعت» أن عددًا كبيرًا من النساء في تركيا يتعرضن لعمليات ممنهجة من التعسف والاضطهاد، خاصة نساء الأقليات، والناشطات في مجال المجتمع المدني وحقوق الإنسان، إذ تتخذ منهن السلطات التركية غرضًا لكل الإجراءات التعسفية التي تمارسها منذ محاولة الانقلاب المزعومة في 15 يوليو 2016.
وأضاف أن هذا لا يعني أن أوضاع النساء وخصوصًا نساء الأقليات والناشطات في منظمات المجتمع المدني كانت أفضل حالًا قبل الانقلاب المزعوم.
وأوضح مدير وحدة الأبحاث أن الحكومة التركية في أعقاب الانقلاب اعتقلت عشرات الآلاف من النساء، بلغ عددهن 18 ألفًا، شملت كل فئات المجتمع من ربات بيوت إلى صحفيات ومعلمات وأكاديميات وطبيبات ومهنيات ونساء أعمال، بزعم وجود صلات لهن بجماعات إرهابية دون أي سندٍ قانوني.
اعتداءات جنسية
في 28 سبتمبر 2019، خرجت مئات النساء في تظاهرة نسائية بمدينة إسطنبول؛ للتنديد بالاعتداءات الجنسية، والعنف الذي تتعرض له المرأة، محملين حكومة الحزب الحاكم «العدالة والتنمية» المسؤولية الكاملة في التراخي والعجز عن مواجهة هذه الظاهرة التي تتفاقم يومًا بعد يوم، وأطلقت المتظاهرات الغاضبات هتافات مناهضة ورافضة للعنف مثل «أوقفوا قتل النساء»، و«لا تتفرجوا على هذا العنف، افعلوا شيئا لوقفه».
ووفقًا لإحصائيات منظمة الأمم المتحدة لعام 2018؛ فإن قرابة 40% من النساء الأتراك يتعرضن لعنف بدني أو أسري من شريك الحياة، وبحسب تقديرات المنظمات المدافعة عن حقوق النساء، فخلال الأشهر الثمانية الأخيرة من العام قتلت 284 امرأة، بينهن 40 فقط خلال شهر أغسطس، كما قتلت 440 امرأة خلال عام 2018، بينما أوضحت منظمة رقابية تدعى «سنوقف قتل النساء»، أن حوالي 409 نساء قُتلن على أيدي شركائهن أو أحد أعضاء العائلة عام 2017 وحده، بزيادة قدرها 75% عن عام 2013.