مساعي الإخوان لاحتكار ثورة فبراير واتهام كل من يعارضهم
إخوان ليبيا يشيدون بدور الميليشيات في حماية الثورة
يصر الإسلاميون في ليبيا على احتكار الثورة وتقديم أنفسهم كأوصياء عليها متهمين كل من يعارضهم ويعارض هيمنتهم على المشهد السياسي رغم خسارتهم للانتخابات وتراجع شعبيتهم، بأنه عدو للثورة وعميل للثورة المضادة.
ولا يتوقف الإخوان عن وصف القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر بأنه عدو للثورة رغم كونه شارك في حرب الإطاحة بالعقيد الراحل معمر القذافي.
وقال محمد صوان رئيس حزب العدالة والبناء الذراع السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في ليبيا إن “حفتر يُمثل أحد تمظهرات الثورة المضادة وارتدادات الربيع العربي، وهو مشروع إقليمي لتكرار السيناريو المصري”، زاعما أن “ما أفشل مشروع حفتر هو عدم وجود جيش نظامي يمكن استخدامه للسيطرة على الحكم؛ ولأن الثورة في ليبيا كانت مسلحة، وعلى الرغم من مشاكل انتشار السلاح التي لا تخفى على أي متابع، إلا أن ذلك منع مشروع حفتر من السيطرة وعودة حكم العسكر حتى الآن”.
وأثارت تصريحات صوان التي أدلى بها إلى موقع عربي 21 القطري سخرية الليبيين الذين يتهمون تيار الإسلام السياسي بنشر الفوضى منذ انقلاب فجر ليبيا على الانتخابات التشريعية التي جرت في يونيو 2014 ويعتبرون ذلك الانقلاب بداية للتمرد على الثورة والديمقراطية وليست تحركات الجيش لمحاربة الفوضى والإرهاب. ويرى مراقبون أن الشارع الليبي لم يعد يثق في مزاعم الإخوان، خاصة بعد أن تبين أنهم الطرف المسؤول على تعطيل الحوار والحلول السياسية في ظل خرق الميليشيات الموالية لهم لقرار وقف إطلاق النار، ورضوخهم لأجندة الدولتين الداعمتين لتيار الإسلام السياسي في المنطقة وهما قطر وتركيا.
واعترف نائب رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الواجهة السياسية لتيار الإسلام السياسي، أحمد امعيتيق بالاعتماد على المرتزقة السوريين.
وقال معيتيق في حوار مع صحيفة نيويورك تايمز ”عندما تغرق في الماء ويرسل إليك شخص ما سترة النجاة، ماذا ستفعل؟ ستنظر فقط إلى من أرسل تلسترة أو ستمسك بها؟” وذلك في معرض إجابته حول سؤال على الإرهابيين والمرتزقة السوريين.
وصادق مجلس الأمن، الأربعاء الماضي، على مشروع قرار يدعو إلى الالتزام بوقف إطلاق النار، ضمن نتائج مؤتمر برلين الدولي حول ليبيا، في 19 يناير.
ويلاحظ المراقبون أن إخوان ليبيا يستغلون في كل سنة ذكرى الثورة للتسويق على أنهم يقفون في وجه الثورة المضادة لكسب تعاطف شعبي وللتغطية على أجندتهم التخريبية التي اتضحت مع إبرامهم في نوفمبر الماضي، اتفاقا عسكريا مع تركيا يقوض السيادة الليبية ويهدد أمن المتوسط.
ويحاول الإخوان إحكام قبضتهم على منافذ السلطة في ليبيا عبر دعم الميليشيات المسلحة. وكانت حكومة الوفاق قد منحت دعما ماليا لقادة الميليشيات، الأمر الذي سمح بتغولها عبر ابتزاز الليبيين بالترويع والعنف.
كما تتغاضى الوفاق على دور حلفائها في دعم المجموعات الإرهابية التي انتشرت عقب سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي وتراجعت على وقع الضربات التي وجهها الجيش الليبي لها في بنغازي ودرنة.
ويجمع المتابعون أن أخطر مشكلة تواجه الليبيين منذ اندلاع ثورة فبراير هي مسألة انتشار الميليشيات، في الوقت الذي عجز فيه المجتمع الدولي والبعثة الأممية عن التصدي لهذا الخطر.
وفي تقييمه للمشهد الليبي بعد تسع سنوات من الثورة، أشار المحلل السياسي عزالدين العقيل لـ”العرب” أن “ليبيا اليوم مكان ترتع فيه أخطر الجماعات الإرهابية”.
وتابع “ليبيا باتت مكانا يسكنه العنف بشكل لحظي، كما تعاني من أعلى مستوى للفساد في تاريخها، إضافة إلى مشاركة مخيفة للأطراف الأجنبية في صناعة القرار الوطني والأمني والاقتصادي”.
ومما يزيد الأوضاع تعقيدا ويثير مخاوف الليبيين، وجود حكومة مسلوبة الإرادة بشكل كامل بسبب هيمنة الميليشيات، حسب وصف العقيل. واعتبر عقيل أن “الوضع بالغ السوء.. وعلى الرغم من أن الجيش يكافح لأجل استعادة هيبة الدولة ولكن يبدو أن المنظومة الدولية لا تريد ذلك”.
وبين المحلل السياسي الليبي أن الفوضى التي عمت بالبلاد أعاقت استراتيجية الإخوان في ليبيا. وشرح بالقول “الإخوان هم رأس حربة في شيوع الفوضى والعنف وخراب الدولة حرمهم من حكم البلاد برمتها وتحويلها حلقة تابعة لتنظيم الإخوان الدولي”.
من جهتها، أعلنت الأمم المتحدة الأحد أن الوضع في ليبيا أصبح “مقلقا للغاية” مع حصول انتهاكات كثيرة لوقف إطلاق النار وحظر الأسلحة، وذلك بعد شهر من مؤتمر برلين الدولي الذي كان الهدف منه وضع عملية السلام على السكة في هذا البلد.
وقالت ستيفاني ويليامز مساعدة موفد الأمم المتحدة إلى ليبيا غسان سلامة خلال مؤتمر صحافي في ميونيخ بعد اجتماع دولي حول ليبيا، إنه “بالرغم من بعض المؤشرات الإيجابية، يبقى الوضع مقلقا للغاية ميدانيا”.
وتابعت “الهدنة تبقى مهددة بالسقوط مع إحصاء انتهاكات عديدة -أكثر من خمسين- والشعب الليبي ما زال يعاني، والوضع الاقتصادي مستمر في التدهور، وقد تفاقم بفعل الحصار المفروض على المنشآت النفطية”.