تقرير..

هل يصبح الصومال الملاذ الآمن للإرهابيين؟

"أرشيفية"

واشنطن

تراجع نشاط تنظيم «داعش» الإرهابي، مؤخرًا في الصومال بشكل ملحوظ؛ بسبب الخلافات التي ضربت صفوفه، إذ قتل ثلاثة من عناصره، وأصيب عدد آخر، إثر مواجهات داخلية بين عناصره.

وأكد موقع «الصومال الجديد»، أن القتال وقع الأربعاء 30 ديسمبر 2020، في جبال المسكاد، الواقعة بإقليم بري شمال شرقي الصومال، وتحديدًا في مناطق جبلية وعرة بولاية بونتلاند.

الخلاف حول الزعامة

نشب الخلاف حول زعامة التنظيم في الصومال، بعدما أقعد المرض زعيمه الحالي، ويُدعى «عبد القادر مؤمن»، الذي انشق عن حركة الشباب الإرهابية في السابق.

ويعاني «مؤمن»، من أمراض عدة جعلته طريح الفراش، خاصة مع تقدمه في السن إذ يبلغ من العمر 80 عامًا.

وذكرت مصادر في الجيش الصومالي، أن من ضمن أسباب الاقتتال الداخلي في صفوف داعش، هو جماعة «الشباب» الإرهابية؛ لأن عددًا من عناصر «داعش» انشق عنه لينضم إلى الجماعة، الأمر الذي قابله عدد من القيادات بالرفض.


الشرارة الأولى للاقتتال

اندلعت الشرارة الأولى للاقتتال بين العناصر الداعشية وبين الأخرى المنشقة عن جماعة «الشباب» في نوفمبر 2015، إذ انشق عدد من عناصر «الشباب»، معلنين مبايعتهم لـ«أبي بكر البغدادي» الزعيم السابق لداعش (قتل في أواخر عام 2019)، ما جعل الحركة تصدر بيانًا حينها، تحذر فيه من أنها «ستذبح» أي عنصر يغير ولاءه من تنظيم «القاعدة» إلى «داعش».

وقال المسؤول في الحركة «أبو عبد الله» في بيان بث إذاعيًّا: «إذا قال أحد ما إنه ينتمي إلى حركة أخرى، فاقتلوه مباشرة» مضيفًا: «سنذبح أي شخص إذا قوض الوحدة».

وفي 2 ديسمبر 2015 قتلت الحركة الصومالية أحد أبرز قياداتها، وهو السوداني «محمد مكاوي إبراهيم»، بعد أن أعلن ولاءه لـ«البغدادي»، وحينها ظنت أنها قضت على موجة الانشقاق، لكن ما حدث خالف توقعاتها، فبعدها بأيام أعلن مجموعة من عناصرها بمنطقة جبال «غلغلا» في أرض البنط، بقيادة عبد القادر مؤمن، مبايعتهم لـ«داعش».

كما أعلن «حسين حسن» أحد قيادات الحركة، مبايعته لـ«البغدادي» في رسالة صوتية نشرتها منابر إعلامية تابعة للحركة، وقال فيها: «إمارة الشباب الصغيرة يقبلوا بأبي بكر البغدادي كأمير للمؤمنين»، على حد قوله.

حدثت تلك الانشقاقات المتتالية، بعد أن وجه «داعش» دعوات عدة لعناصر الحركة، ولعل أبرزها جاء في أكتوبر 2015، إذ طالب التنظيم قيادات الحركة بمبايعة «البغدادي».

وفي أبريل 2016، نشرت مؤسسة «البتار» (إحدى الأذرع الإعلامية الداعشية)، إصدارًا مرئيًّا بعنوان «بيعة ثلة من مجاهدي الصومال»، يظهر فيه مجموعة من حركة الشباب المنشقين خلال إعلانهم المبايعة للبغدادي.

وضمن أحداث الصراع بين «داعش» و«الشباب»، وجه فرع التنظيم في الصومال إنذارًا، إلى عناصر حركة الشباب في نهاية يناير 2019، حذرهم فيه من محاولة عرقلة عملياتهم في البلاد.

بعدها وجهت صحيفة «النبأ» الصادرة عن داعش، إنذارًا إلى حركة الشباب، وقالت إنها تعارض تحركات عناصرها في الصومال، ونسبت إلى متحدث باسم داعش القول: «حان الوقت لانتقام التنظيم من مقاتلي حركة الشباب»، متهمًا الحركة بتصفية عناصر قدموا البيعة إلى تنظيمه.

وبعد هذا التحذير هاجم داعش منطقة «بيعر ميرالي»، الواقعة جنوب غرب مدينة قندلا، في بونتلاند شمال شرق الصومال، ما أسفر عن قتل 14 عنصرًا من عناصر الشباب، وعقب هذا الهجوم، أعلنت الشباب، عبر الناطق باسمها، علي طيري، أنها ستشن حربًا ضخمة وواسعة ضد داعش.

وبالفعل اغتالت الحركة قياديًّا تابعًا لداعش، يُدعى يحيى حاج فيلي المكني بـ«أبى زكريا»، في مدينة بؤالي مركز إقليم جوبا الوسطى، جنوب الصومال.

وكان «فيلي» أحد أفراد مسلحي الحركة في الصومال عام 2006، ثم تدرج في المناصب، حتى أصبح عضوًا في مجلس شورى الحركة، إلا أنه انضم بعد ذلك إلى تنظيم داعش، في أكتوبر عام 2015، وهو التاريخ الذي أعلن فيه داعش وجوده في الصومال.

تقليص نفوذ الشباب 

يعمل تنظيم داعش على تقليص نفوذ حركة الشباب في الصومال، إذ يحاول تهيئة الأجواء لاستقبال عناصر التنظيم الفارين من مناطق القتال في العراق وسوريا وليبيا، ومن ثم فهو يدرك جيدًا أن الصومال هو الملاذ الآمن الذي يقاتل من أجله.

ونشرت مؤسسة «أكابس» البحثية الدولية تقريرًا أكد أن عناصر داعش توجهت إلى الصومال، عقب هزيمتهم في العراق، وسيزيد نشاطهم بشكل ملحوظ، لأنه سيسعى لاكتساب القوة والموارد.

وذكرت المؤسسة، أن وصول التنظيم إلى الصومال سيؤثر في السكان المدنيين، وسيؤدي إلى نشوب مزيد من الاشتباكات الدموية مع حركة الشباب الصومالية.