حكومة الوفاق

النمروش يحيّد ميليشيات "الدفاع" عن عملية باشاغا

نذر مواجهة تلوح في الأفق

طرابلس

استبق وزير الدفاع في حكومة الوفاق الليبية، واجهة الإسلاميين، صلاح الدين النمروش انطلاق عملية “صيد الأفاعي” الأمنية التي أعلن عنها وزير الداخلية فتحي باشاغا بتوحيد صف الميليشيات المنضوية تحت وزارته، ما يُهدد بتفجر صراع جديد في الغرب الليبي.

واتفق النمروش مساء الثلاثاء مع رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد وآمري المناطق العسكرية الغربية وطرابلس والوسطى على توقيع كافة قادة الميليشيات على ميثاق شرف يضمن عدم اصطدام هذه الميليشيات ببعضها البعض.

وأكد الحاضرون خلال اجتماعهم بطرابلس أن تكون جميع “الكتائب العسكرية تحت طائلة القانون”، إضافة إلى تشكيل لجنة برئاسة وزير الدفاع يتم من خلالها التواصل مع المجلس الرئاسي لمنع حدوث أي اصطدام بين قوات وزارة الداخلية وميليشيات الدفاع.

ويرى مراقبون أن هذه الخطوة كانت متوقعة حيث تشتد الخلافات غربي البلاد بين الميليشيات والقوى الموجودة هناك على النفوذ المالي والسياسي ما جعل حكومة الوفاق تشهد صراعات لا تكاد تهدأ بين أعضائها حتى تطفو على السطح صراعات جديدة.

ولكن تبقى الصراعات بين الميليشيات أكبر معضلة تؤرق الغرب الليبي خاصة أن هجوم الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر على العاصمة طرابلس في عام 2019 كان أحد أبرز أسبابها.

والأسبوع الماضي أعلن وزير الداخلية في حكومة الوفاق فتحي باشاغا عن عملية أمنية جديدة تستهدف “محاربة الجريمة المنظمة ومهربي البشر”.

وبينما يقول باشاغا -الذي تشهد علاقته بأنقرة تذبذبا بعد التقارب الحاصل بينه وبين مصر وفرنسا- إن العملية مدعومة من تركيا، يعارضها النمروش الذي يصفه البعض برجل تركيا الصاعد غرب ليبيا.

وعمق إعلان باشاغا الخلافات بين مؤسسات حكومة الوفاق حيث تبرأت وزارة الدفاع من عملية “صيد الأفاعي”، مؤكدة أنه لم يتم التنسيق معها بشأنها.

ويرى مراقبون أن هذه العملية تستهدف تحجيم نفوذ ميليشيات طرابلس والزاوية والزنتان مقابل تعزيز نفوذ ميليشيات مدينة مصراتة ذات الثقل العسكري والاقتصادي الهام، وهو ما جعل النمروش يسعى إلى تحييد هذه الميليشيات من أجل إضعاف باشاغا.

ويضيف هؤلاء أن الصراع في طرابلس انحصر بين باشاغا والنمروش الذي سطع نجمه على وقع تراجع وزير الداخلية، وأصبح النمروش بمثابة ذراع أنقرة العسكرية في ليبيا بعد أن عرض خدماته على تركيا من خلال تبني أجنداتها ورفض أي حلول سلمية للأزمة.

ومع احتدام التنافس بين الرجلين وجدت ميليشيات مصراتة نفسها مرة أخرى مجبورة على الاختيار بين باشاغا والنمروش، خاصة أن عملية “صيد الأفاعي” قد تستهدف ميليشيات تنافسها على النفوذ، لكن في حال اصطفافها خلف باشاغا ستجد ميليشيات مصراتة -التي توصف بالأقوى غرب ليبيا- نفسها في مواجهة هذه التشكيلات الأخرى.

وتضم ميليشيات مصراتة، إلى جانب ميليشيات “البنيان المرصوص” -وهي القوة العسكرية التي تصدت لهجوم الجيش على طرابلس وتتشكل من ميليشيات المنطقة الغربية لكن الحضور الأبرز للميليشيات المنحدرة من مصراتة- كتيبة “لواء الصمود” بقيادة صلاح الدين بادي المطلوب دوليا وكتيبة “لواء الحلبوص” التي تأسست عام 2011 ويقودها البشير عبداللطيف.

وإلى جانب هذه التشكيلات، تنشط في مصراتة أيضًا كتيبة “الفاروق” التي يقودها التهامي بوزيان وغيرها من الميليشيات التي تتباهى بترسانتها العسكرية ومساهمتها في وقف تقدم الجيش العام الماضي نحو العاصمة.

وبالرغم من أنها أبدت دعما لباشاغا الذي يتحدر هو الآخر من مصراتة في وقت سابق في خلافه مع رئيس حكومة الوفاق فايز السراج الذي أوقف باشاغا عن عمله وهو متواجد في تركيا، لا يستبعد متابعون أن تنضم هذه الميليشيات إلى النمروش ومعسكره في مواجهة وزير الداخلية.

ويُبرز هؤلاء المراقبون أن طموحات باشاغا الذي كان مرشحا لتولي رئاسة حكومة الوحدة الوطنية التي ستقود الفترة الانتقالية في ليبيا حتى إجراء انتخابات عامة، وتعدد تحركاته المدفوعة بالبحث عن تعزيز نفوذه في ظل الصراع المحموم غربي البلاد بين القوى ومؤسسات حكومة الوفاق قد يضعفان ميليشيات مصراتة في مواجهة العديد من التشكيلات المسلحة الأخرى على غرار ميليشيات الزاوية والزنتان وطرابلس، وهي ميليشيات تكن عداء لباشاغا.

وواجهت العملية التي كشف باشاغا النقاب عنها الجمعة الماضية في حوار له مع وكالة أسوشيتد برس معارضة شرسة من قبل خصومه في حكومة الوفاق لتكشف هذه الخطوة عن حدة الخلافات التي باتت تهيمن على هذه الحكومة.