تغطية المؤسسات الإعلامية..

كوفيد لا يقتل أمام الكاميرات فقط: الإعلام يتحيز لمعاناة الأثرياء

المشاهير والأثرياء تحت دائرة الضوء خلال الوباء أيضا

فرنسا

 دعا البابا فرنسيس الصحافيين إلى التوجه لإجراء تحقيقات على الأرض بدلا من البقاء خلف أجهزة الكمبيوتر، مشيرا إلى أن الصحافة “كرواية للواقع، تتطلب القدرة على الذهاب إلى حيث لا يذهب أحد، وحركة ورغبة في الرؤية وفضولا وانفتاحا وشغفا”.

وتابع الحبر الأعظم في رسالة نشرها الفاتيكان “هناك خطر في سرد الجائحة، وكذلك كل أزمة، بعيون العالم الأكثر ثراء فقط”.

وأثارت تغطية وكالات الأنباء ووسائل الإعلام العالمية الكثير من الجدل بشأن طريقة تناولها للمتضررين من الوباء، حيث احتل المشاهير ونجوم المجتمع في الدول الغنية المساحة الأوسع من التقارير الصحافية وعناوين الصحف، على حساب الفئات الأضعف والمهمشة.

وسقطت مقولة أن الفايروس لا يفرق بين الفقراء والأغنياء أمام حجم المآسي في الدول النامية التي لا تمتلك بنية تحتية جيدة تخولها تخفيف حجم الأضرار، خاصّة الأشخاص الذين يحاربون المرض على الخطوط الأمامية، والذين يتقاضون أدنى الرواتب في المجتمع، إذ أصبحوا مجرد أرقام ضمن سجل الإصابات والوفيات جراء الفايروس.

وكتبت صحيفة “ذا تايمز” أنّ المؤرخين المستقبليين قد يستشهدون بتجميع فيديوهات لمشاهير يغنون أغنية “تخيّل” للفنان جون لينون في منازلهم الفاخرة كدليل على التفاوت والانفصال الطبقي خلال عصر العزل الاجتماعي، في وقت يسارع الأثرياء في أنحاء العالم إلى وقاية أنفسهم بشتى الطرق، حيث يقوم الأميركيون الأغنياء باقتناص الفرص للحصول على اختبارات سريعة وفحوصات فورية وخدمات استدعاء للأطباء الخاصين، كما لم يتردّد بعض الأثرياء الروس فن بناء عياداتهم الخاصة واقتناص المعدات الطبية النادرة.

ألكسندرا فريمان: جائحة كورونا وضعت الصحافة في مأزق، فإن لم تنشر الأوراق البحثية كانت لتخلو من أي أخبار عن الفايروس

وتصبح يوميات هؤلاء المشاهير أثناء العلاج من الفايروس مادة للصحف العالمية التي لا تتردد في نشر تفاصيلها. ويبرز التناقض في تعامل وكالات الأنباء والمؤسسات الإعلامية حتى في منصاتها المختلفة، إذ تقول مؤسسة رويترز على موقعها الرسمي إن تركيزها المباشر هو على رفع مستوى مهارات المراسلين الذين يغطون الأزمة الصحية في المناطق التي تستعد للأسوأ، لتأمين التغطية الإخبارية لتأثير فايروس كورونا على حياة بعض الأشخاص الأكثر ضعفاً على هذا الكوكب، لكن نشرتها تتناول كما وكالات الأنباء الأخرى المواضيع الأكثر طلبا واهتماما من قبل الدول القادرة على الدفع، وتحتل أخبار المشاهير والحكومات والسياسيين الغربيين المساحة الأوسع من التغطية الصحافية.

ورغم أن إدارة غرف الأخبار ترتكز على تأمين التوازن بين ما يريده الجمهور المتلقي وبين إنتاج الصحافيين للمحتوى، إلا أنّ تفشي جائحة كوفيد – 19 جعل هذه المهمّة صعبة.

وانتقد البابا في رسالته العمل من وراء أجهزة الكمبيوتر قائلا، إن “هناك خطرا بأن تؤدي أزمة النشر إلى تركيب المعلومات في غرف الأخبار أمام أجهزة الكمبيوتر، وفي محطات الوكالات، وعلى الشبكات الاجتماعية بدون الخروج إلى الشارع على الإطلاق، وبدون استهلاك نعال الأحذية، وبدون لقاء الأشخاص للبحث عن قصص أو التحقق من مواقف معينة وجها لوجه”.

وأشاد بشجاعة المهنيين الذين يجازفون للتحدث عن قضايا الأقليات المضطهدة والظلم ضد الفقراء أو حتى الحروب المنسية.

لكن الحقيقة أنها مهمة محفوفة بالمخاطر وليست بالمسألة السهلة، لذلك يتم التركيز على قصص من السهل تناولها عن بعد مثل أخبار المشاهير.

ويؤكد المتخصصون أن الطريقة الأهم لإدارة غرف الأخبار والاستعانة بصحافيين تكمن في تجنب وضعهم في مواقف محفوفة بالمخاطر، والانتباه إلى القصص التي يتم اختيارها لينفذها صحافيون في الخارج، واختيار القصص التي يمكن إعدادها خلال التباعد الاجتماعي، وإيجاد صحافيين متعمقين في قضايا بعض المجتمعات حتى يقوموا بتغطيتها.