الملف الإسرائيلي

صفقة القرن.. نتنياهو اعتبرها مكسبا له لكن استطلاعات صادمة

دافيد هوروفيتس

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يتحدث خلال حدث مع الرئيس دونالد ترامب في القاعة الشرقية للبيت الأبيض في واشنطن، 28 يناير 2020، للإعلان عن خطة إدارة ترامب التي طال انتظارها لحل النزاع

تل ابيب

في استطلاع الرأي الأخير قبل الانتخابات مساء الجمعة، توقعت القناة 12 الإسرائيلية 35 مقعدا لحزب “الليكود”، في استمرار للارتفاع التدريجي في الأيام الأخيرة لحزب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفي زيادة لعدد المقاعد الـ 32 التي فاز بها الليكود في انتخابات سبتمبر. استطلاع الرأي منح حزب “أزرق أبيض” المنافس 33 مقعدا، مقارنة بـ 35 مقعدا في استطلاع الرأي نفسه قبل شهر، والعدد نفسه من المقاعد الذي فاز به في سبتمبر.

مع اقتراب يوم الانتخابات، استعاد نتنياهو تفوقة الكبير على غانتس في إجابة الإسرائيليين على السؤال  من رئيس الوزراء المفضل لإسرائيل. في بعض الأحيان في الأشهر الأخيرة، منحت الاستطلاعات نسبا متساوية للرجلين؛ يوم الجمعة، اظهر استطلاع القناة 12 أن 44% من الإسرائيليين يفضلون نتنياهو رئيسا للوزراء مقابل 32% لغانتس، في حين منح استطلاع القناة 13 تفوقا لنتياهو  بنسبة 45%  مقابل 35% لغانتس.

إلا أن هناك ما يشوب هذا المشهد السياسي المشجع نسبيا لرئيس الوزراء. الشيء الذي يخشاه أكثر من بيني غانتس في يوم الإنتخابات، هو تصويت الناخبين العرب في إسرائيل.

في يوم الإنتخابات في عام 2015، استخدم نتنياهو منصات التواصل الاجتماعي لنشر التأكيد على أن الناخبين العرب “يخرجون بأعداد كبير” إلى صناديق الاقتراع – وهو إدعاء مشكوك فيه في ذلك اليوم، لكنه استُخدم بهدف نشر الذعر في صفوف مناصريه من أجل تحفيزهم للخروج والتصويت بأكبر أعداد ممكنة.

 

في أبريل 2019، سعى نشطاء قام حزب “الليكود” باستئجار خدماتهم إلى ترهيب الناخبين العرب من خلال وضع كاميرات في مراكز الاقتراع في المناطق العربية؛ نسبة التصويت في صفوف الناخبين العرب في أبريل كانت منخفضة ووصلت إلى 50%.

لكن في سبتمبر، قرر المجتمع العربي في إسرائيل وبشكل واضح ألا يرتدع، وشجعه في ذلك كما يبدو إعادة توحيد الأحزاب ذات الغالبية العربية في “القائمة المشتركة”، وارتفعت نسبة التصويت في الوسط العرب بشكل دراماتيكي، إلى 60%، لتفوز القائمة المشتركة بـ 13 مقعدا – مقارنة بالمقاعد العشرة في شهر أبريل.

قبل انتخابات يوم الإثنين، منح استطلاع القناة 12 القائمة المشتركة 14 مقعدا، في حين توقعت له القناة 13 الفوز بـ 15، حيث قدر منظمي الاستطلاعات أن تصل نسبة التصويت في صفوف الناخبين العرب إلى حوالي 65% – التي لا تبعد كثيرا عن المتوسط العام (في أبريل بلغت نسبة التصويت في إسرائيل 68.5%، وفي سبتمبر، 69.7%).

استطلاع رأي القناة 12 لانتخابات الكنيست، 28 فبراير، 2020

ولقد قال أيمن عودة وأحمد الطيبي وأعضاء كنيست مخضرمون آخرون من القائمة المشتركة إنه إلى جانب الشعور الطويل بالنفور من نتنياهو، فإن ما يحفز الوسط العربي – الذي تشكل نسبته حوالي ربع سكان إسرائيل – على التصويت على وجه الخصوص هذه المرة هو معارضته لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للسلام.

السلطة الفلسطينية لا تريد أي علاقة مع الإدارة الأمريكية، ولقد رفضت بشدة الاقتراح، الذي يعرض على الفلسطينيين في نهاية المطاف سيادة مقيدة ومشروطة وموطئ قدم صغير في القدس، بينما يمنح إسرائيل الحق في ضم 30% من الضفة الغربية، بما في ذلك جميع المستوطنات. وتعارض القائمة المشتركة هي أيضا خطة ترامب بشدة، ولكن هناك بند واحد في هذا الاقتراح الأمريكي الذي يغيظ الوسط العربي في إسرائيل على وجه الخصوص، كما يقول ممثلوه من أعضاء الكنيست.

الخطة تشمل إشارة إلى تبادل أراض محتمل من شأنه تسليم البلدات العربية في ما تُسمى بمنطقة “المثلث” الواقعة جنوب شرق حيفا للسيطرة الفلسطينية. الخطة “تتصور امكانية إعادة رسم حدود إسرائيل، مع مراعاة موافقة الأطراف، بصورة تصبح فيها بلدات المثلث جزءا من دولة فلسطين”.

في اليوم الذي كشف فيه ترامب عن الخطة، وصف رئيس القائمة المشتركة، أيمن عودة، البند بأنه “نقطة النهاية الحتمية لأجندة ترامب وبيبي العنصرية، وضوءأخضر لتجريد مئات آلاف المواطنين الفلسطينين العرب الذين يعيشون في شمال إسرائيل من جنسيتهم”.

في حين أن استطلاعات الرأي في الأسابيع الأخيرة أظهرت ازديادا في قوة الليكود، إلا أنها أشارت في المقابل إلى صعود في قوة القائمة المشتركة أيضا، والذي بلغ ذروته الجمعة مع التوقعات بحصول الحزب على ما بين 14-15 مقعدا.

نتنياهو أعرب عن دعمه لخطة ترامب باعتبارها جيدة بشكل غير مسبوق لإسرائيل، وأنها صيغت فقط بسبب العلاقة الاستثنائية التي نجح ببنائها مع ترامب والإدارة الأمريكية.

استطلاع رأي القناة 13 لانتخابات الكنيست، 28 فبراير، 2020

مع شعوره بالنشوة إزاء محتواها، توقع نتنياهو بوضوح أن تساعده الخطة في انتخابات الإثنين. سيكون من المفارقة الهائلة إذا كانت هذه الخطة – وخاصة بند إعادة رسم الحدود؛ وهو بند أعلن نتنياهو القلق في الأسبوع الماضي عن رفضه له – هي ما سيكلفه الغالبية في الكنيست، مرة أخرى.

أظهرت استطلاعات الرأي في إسرائيل أنه لا يمكن الاعتماد عليها. تحولات صغيرة في تفضيلات الناخبين ونسبة التصويت يمكنها أن تعيد صياغة الخريطة السياسية الحساسة. ولكن استطلاعات الرأي الأخيرة يوم الجمعة أظهرت أن نتنياهو، الذي هاجم غانتس باستمرار، قد يجد نفسه الإثنين في مواجهة حالة حقيقية مما زعمه في 2015: خروج الناخبين العرب إلى صناديق الاقتراع بأعداد كبيرة بسبب غضبهم من خطة ترامب للسلام.