مسار الأمور والأوضاع في إيران

إيران: الهدوء الذي يسبق العاصفة!

الخليج بوست

بعد سلسلة الاحداث والتطوات العاصفة التي واجهت النظام الإيراني وترکت تأثيرات سلبية غير عادية عليه الى الحد الذي تجاوزت فيه الحدود، فإن النظام دخل في حالة من الضياع والتخبط والانقسام وصار في وضع يختلف تماما عن الذي کان فيه قبل سلسلة الاحداث والتطورات هذه، وعلى الرغم من کل محاولاته للإيحاء بأنه قد إستعاد رباطة جأشه ويقف على قدميه، لکن لا توجد أي مٶشرات تدل على ذلك ولاسيما وإن المراقبين السياسيين الدوليين وبشکل خاص المختصين بالشأن الايراني ينظرون الى حرکة ووضع الشارع الايراني ويقيسون على أساس منه حال إيران وشعبها وليس على أساس تصريحات صادرة من مسٶولين من أجل ضمان الامن العام وإستعادة هيبة النظام.

والذي يبدو واضحا وجليا، إن الاوضاع المختلفة التي يواجهها النظام، لم تعد کسابقاتها في الاعوام الماضية، بل طرأ عليها تغييرا جذريا بحيث أصبح أمر معالجتها يقترب من المستحيل، وعلى سبيل المثال، فإن الاقتصاد الذي هو عصب حياة أي بلد أو شعب، فإنه في إيران قد بات منهارا وإن لم يعلن النظام ذلك، إذ أن وصول التضخم الى نسبة 50%، في ظل مشاکل وأزمات مختلفة أخرى تواجهها السلطات الحاکمة، تعطي إنطباعا واضحا جدا عن الحياة التي أصبحت صعبة جدا في إيران ولم يعد بالامکان مواصلة الحياة دون مستوى الحد الادنى لأغلبية الشعب الايراني إلا بصعوبة بالغة وبشق الانفس.

الاوضاع الاقتصادية السيئة والتي يرافقها القمع والکبت والحرمان، کانت على الدوام من العوامل الاساسية في إندلاع الثورات والانتفاضات في العالم، ومن دون شك فإن هذان العاملان متوفران على أفضل ما يکون في إيران، ولکن وعندما ترفض الانظمة الاستبدادية ذلك وتتصرف وکأن الامور عادية کما فعلت ملکة فرنسا ماري إنطوانيت عندما قيل لها إن الشعب الفرنسي جائع ولا يجد خبزا ليأکله، فردت بکل برود: فليأکلوا الکعك! وکما يفعل الان خامنئي ولاسيما في خطابه الاخير وهو يصر على مواصلة النظام سياساته المشبوهة التي هي سبب البلاء والمصائب التي يعاني منها الشعب والاکثر سخرية من ذلك إنه لازال يصر على إن الشعب يقف مع النظام لمواصلة هذه السياسات!

غير أنّ مسار الأمور والأوضاع في إيران قد سار في اتجاه يختلف عن سابقه؛ فعلى الرغم من مزاعم النظام وادعاءاته باستعداداته للحرب والمواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، فإنّ الحقيقة والواقع يشيران إلى أنه يحذر من الداخل الإيراني ومن احتمال انفجاره، لا سيما بعد أن أصبحت الأوضاع في أسوأ حال يمكن أن تكون عليه، وأصبح الشعب ضائقاً ذرعاً بهذا النظام الذي يكتم أنفاسه منذ ٤٦ عاماً. وخامنئي وغيره يعلمون ذلك جيداً، بل إنهم يعلمون أن ما يحدث الآن في إيران هو الهدوء الذي يسبق العاصفة.

*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

مقالات الكاتب