ماذا بعد سقوط الأسد؟
كريم فرمان
ما كان أفضل وصف للحالة الجديدة في سوريا ما قاله الناطق باسم الأمن القومي الأمريكي بان اي وضع جديد في...
ألم تتجاوز أزمة حزب الله محيطها اللبناني لتصبح أزمة عالمية؟
ليس المقصود هنا ما يشكله وجود حزب الله من خطر على أمن وسلام إسرائيل. ذلك ليس جديدا. ولكن حزب الله الذي يقاتل في سوريا واليمن صار مع الوقت قوة اقليمية يمكنها أن تنتحر باللبنانيين من أجل الحفاظ على مصالح دولة بعيدة هي إيران.
قد لا يكون العالم معنيا بشكل مباشر بأوضاع اللبنانيين التي انتهت إلى الحضيض بعد الانهيار المالي الذي عزفت الكثير من المؤسسات الدولية والدول عن مد يدها من أجل الحد من تداعياته. غير أن ذلك لا يعني أن العالم لا يتابع خطوط التمويل المشبوهة التي تمتد من الخارج إلى الداخل بعد أن تكون قد مرت بمختلف عمليات غسيل الأموال كما تتوسع الرقابة لتضع اليد على خطوط تجارة المخدرات التي تمتد من الداخل إلى الخارج بخفة وسلاسة.
وفي الحالين يمثل حزب الله المركز الذي تجتمع عنده كل الخيوط. وهو الطرف المستفيد من الانهيار المالي الذي يصيب اللبنانيين بتداعياته القاتلة، بحيث كلما اتسعت دائرة الفقر وازداد عوز اللبنانيين تتسع دائرة نفوذ الحزب ويمعن في هيمنته على الدولة اللبنانية لا من خلال نوابه ووزرائه والموظفين الذين زرعهم في كل مكان بما فيه قصر بعبدا حسب بل وأيضا من خلال سوق العملة حيث الدولار يخرج من جيب السيد ويعود إليه متخما.
بعد أن خرب حزب الله الدورة المالية في لبنان من خلال مؤسساته الموازية ها هو يمد يده ليعبث بشكل مباشر بسعر صرف الدولار الذي بات محور الحياة، بل جوهرها. وليس من باب المبالغة القول إنه كلما انهارت معنويات اللبنانيين كلما اصبح حزب الله قريبا من هدفه. لقد فتحت الأزمة الأبواب أمام حزب الله ليقلب المعادلات من غير أن يلجأ إلى استعمال سلاحه الذي طالما طالب اللبنانيون بنزعه.
يعرف المجتمع الدولي أن لبنان صار أضعف من أن يُستعمل السلاح ضده. طبقته السياسية فاسدة ولا تقوى على الوقوف أمام لحظة غضب واحدة كما أن اقتصاده صار يُدار من قبل المؤسسات الموازية. فيما حزب الله يسيطر على منافذ حدودية استطاع من خلالها أن يلعب دور الوسيط في نقل السلاح من غير أن تتمكن الدولة من أن تقف في وجهه.
سلطة حزب الله تتجاوز حدود لبنان لتصل إلى بقاع بعيدة. بين وقت وآخر تصدمنا الأخبار بواقعة القاء القبض على لبناني يقوم بتمرير الأموال الطائلة إلى لبنان من غير أن تسمي تلك الأخبار إلا بطريقة مستعجلة الجهة اللبنانية المستفيدة من تلك الأموال. تلك الجهة هي حزب الله الذي صار يُدير امبراطورية مالية مشبوهة.
هل نصدق أن مافيا حزب الله تقع خارج الرقابة العالمية؟ تلك فكرة ساذجة. فبغض عن محاولات البعض لغض النظر والامتناع عن ذكر حزب الله بالاسم كما هو الحال مع الرئيس الفرنسي ماكرون فإن دولا مهمة قد اخترقت حاجز الصمت لتعلن أن حزب الله منظمة ارهابية. ومَن يحاول أن يضع حدودا بين جناح الحزب السياسي وجناحه العسكري فهو يرى بعين واحدة ولا يملك أي خبرة في شؤون المنظمات الارهابية.
وليس من الواضح ما الذي يمكن أن تفعله الدول التي صنفت حزب الله باعتباره منظمة ارهابية من أجل انقاذ لبنان. ذلك لأن أجهزتها الأمنية ستكون مشغولة بتفكيك خلايا الحزب العاملة على أراضيها. ومن المعروف أن حزب الله لا يعمل على التجنيد إلا بحذر شديد، بل يعمل مدفوعا بفكرة مزج العقيدة بالمال على تنويع مصادر التمويل والتمويه عليها بشتى أنواع الواجهات.
في حقيقة الأمر فإن حزب الله هو اليوم منظمة ارهابية متعددة الوجوه. بواجهات كثيرة، تعمل كلها على اختراق القانون الدولي من أجل تمويل عمليات الحرب التي يخوضها حزب الله خارج لبنان. ما صار معروفا أن حزب الله يقاتل في سوريا منذ سنوات وإذا قصفت إسرائيل مواقع في سوريا فإنها تؤكد تابعيتها لحزب الله. كما أن حزب الله لا يخفي مشاركته في حرب اليمن.
من وجهة نظر حسن نصرالله فإن المراد أن يكون حزبه قوة اقليمية تضع نفسها في خدمة المشروع الإيراني. فأينما يريده الولي الفقيه فإن الحزب سيكون جاهزا. المسحة الأممية واضحة في ذلك الخطاب. ولكن الموقف العالمي لا يزال دون المستوى. فمتى يصل المجتمع الدولي إلى لحظة اليقين من أجل انقاذ لبنان من حزب الله؟