تقارير وتحليلات
صراعات الشرق الأوسط المتعاقبة..
فلسطينيو المخيمات المكتظة في خطر إذا انتشر فيها كورونا
شهدت مالكة أبو عكر مخيمها المكتظ بسكانه في الضفة الغربية المحتملة يزداد تكدساً عاماً بعد عام منذ أن فرت إليه قبل 70 عاماً، بظهور أجيال جديدة وتدفق لاجئين جدد فارين من صراعات الشرق الأوسط المتعاقبة.
غير أن مالكة 73 عاماً، تخشى مع انتشار فيروس كورونا محلياً أن يكون مخيمها المزدحم مهيئاً لانتشار العدوى وتحمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، التي تعاني من شح السيولة مسؤولية التهاون في بذل الجهود للمساعدة في هذا الصدد.
قالت في مخيم الدهيشة ببيت لحم في إشارة إلى الوكالة التي تقدم خدمات لنحو 5.6 ملايين لاجيء فلسطيني، إن الأونروا لا تطهر المخيم، ولا تعمل على تنظيفه في إطار جهود مكافحة الوباء.
ويعيش ما يقرب من ثلث هؤلاء اللاجئين في 58 مخيماً مسجلاً لدى الأونروا في أنحاء الضفة الغربية، وقطاع غزة، ولبنان، وسوريا والأردن.
وقالت مالكة التي فرت من قرية في القدس الغربية هرباً من القتال في الحرب العربية الإسرائيلية في 1948 إنها شهدت في حياتها اضطرابات كثيرة، لكنها أضافت أن الفترة الحالية هي أصعب ما شهدته.
ومن المخيمات المكتظة بالفلسطينيين على شاطئ غزة، إلى الامتداد العمراني في جنوب بيروت، يخشى اللاجئون الفلسطينيون، أن تنخفض المساعدات المتضائلة التي يتلقونها من الأونروا مع استمرار الأزمة الصحية، وتغير أولويات المانحين.
أسست الجمعية العامة للأمم المتحدة وكالة الأونروا قبل 70 عاماً، لخدمة مئات الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين الذي أخرجوا من ديارهم، أو فروا من القتال الذي رافق قيام دولة إسرائيل في 1948.
تواجه ميزانية الأونروا مشاكل منذ سنوات وسط تراجع المانحين، وظهور صراعات أخرى في سوريا واليمن. غير أن مشاكلها المالية تصاعدت بعد 2018 عندما أوقفت الولايات المتحدة أكبر المانحين للوكالة مساعداتها السنوية البالغة 360 مليون دولار.
وتفاقمت المشاكل بعد تحقيق في العام الماضي في اتهامات بتصرفات مخالفة، الأمر الذي أدى إلى اشتداد الانتقادات الأمريكية والإسرائيلية للوكالة.
وأدى التحقيق إلى رحيل مسؤولين كبار من بينهم المفوض العام للوكالة، الذي نفى ارتكاب أي مخالفات، وقال إن الوكالة ضحية حملة سياسية.
أزمة مالية
رغم المشاكل حصلت الأونروا في العام الماضي على موافقة الأمم المتحدة على تجديد تفويضها لثلاثة أعوام. غير أنه سرعان ما حل التحدي المفاجئ بظهور فيروس كورونا.
وأطلقت الوكالة نداءات عاجلة لتوفير التمويل، وقالت إنها تحتاج 14 مليون دولار على مدار ثلاثة أشهر بصفة مبدئية للتصدي للمرض، في المخيمات.
وقالت تمارا الرفاعي، المتحدثة باسم الوكالة لرويترز في مقر الوكالة بالعاصمة الأردنية عمان، إن الأزمة تأتي في وقت تواجه فيه الأونروا، أسوأ أزمة مالية في تاريخها.
لكنها أضافت أن الوكالة، اتخذت بالفعل تدابير احترازية بما فيها إغلاق جميع المدارس التي تديرها، وتوصيل الأدوية، والمساعدات الغذائية مباشرة لبيوت اللاجئين، لتقليل التجمعات عند مراكز التوزيع.
وقالت تمارا إن الوكالة تدرس إمكانية تحويل منشآتها إلى أماكن يمكن للناس أن يعزلوا أنفسهم فيها.
وتقول الوكالة إن المرض ظهر في 34 مخيماً فلسطينياً على الأقل في الضفة الغربية، وفي ستة مخيمات في غزة، وواحد في لبنان.
رش المطهرات
وفي أزقة لا تصلها الشمس في مخيم الشاطيء الذي يعيش فيه قرابة 90 ألف فلسطيني في قطاع غزة، رش عمال قطاع الصحة وهم يرتدون أردية واقية تغطيهم من الرأس إلى القدمين المطهرات على سيارات الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي، وحملوا عربات خشبية بالمساعدات لتوزيعها.
وقال اللاجئ محمد الترامسي، إن تسليم المساعدات في البيوت سيحد من العدوى، لكنه أبدى قلقه من احتمال تقليص حجم المساعدات لأكثر من مليون لاجيء في القطاع.
وقال الترامسي، 57 عاماً، إن الدول المانحة منشغلة بالوباء، وبحل مشاكلها الاقتصادية.
وفي مخيم جرمانا جنوب شرقي دمشق، تحدث فلسطينيون عن غياب الحماية من الفيروس في المخيم الذي تضخم منذ بداية الحرب الأهلية السورية.
وقال طلال أبو غنيمة 42 عاماً، إنهم لم يتلقوا أي مساعدات على الإطلاق، وأن ما حصلوا عليه كان بمبادرة من الفصائل السياسية المحلية التي تعمل على تطهير المخيم. وأضاف أنهم لم يتلقوا شيئاً من الأونروا.
في لبنان كان الأطفال يلعبون الكرة في منطقة مفتوحة بمخيم شاتيلا في بيروت.
وكانت المحلات، المزدحمة في العادة، مغلقة في الغالب بسبب المخاوف من الفيروس.
وقال أبو حمزة 54 عاماً، إن هذا معناه أن مخيمات اللاجئين قد تفقد دخلها البسيط.
وأضاف أن الذين يديرون متاجر للكمبيوتر، والأدوات الكهربائية للحصول على ما تقتات به أسرهم، لا يستطيعون فتح متاجرهم في الوقت الحالي، متسائلاً كيف لهم أن يواصلوا حياتهم الآن؟