تقارير وتحليلات
دون التخلص من الحوثيين..
معهد بروكينغز: كورونا وانهيار أسعار النفط وراء محاولة السعودية الخروج من اليمن
تساءل المحلل الأمني البارز في معهد بروكينغز، ومركز القرن الحادي والعشرين للأمن والاستخبارات، بروس ريدل، في مقال نشره موقع بروكينغز عن السبب الذي يدعو السعودية للخروج من اليمن، معلقا أن إعلان المملكة عن وقف إطلاق للنار من جانب واحد يعكس الأزمة الاقتصادية والاجتماعية الرهيبة التي تعاني منها السعودية بسبب انتشار وباء كورونا وانهيار أسعار النفط. ولا يعرف إن كان الجانب الحوثي سيقبل بوقف إطلاق النار الذي أعلنته السعودية لمدة أسبوعين.
وما هو مؤكد أن اليمن ليس مهيئاً لانتشار فيروس كورونا، نظرا للوضع الذي نشأ بسبب الحرب والفقر الذي يعاني منه البلد. وجاء الإعلان السعودي بعد أشهر من المحاولات الفاشلة التي قام بها مبعوث الأمم المتحدة بين الأطراف المتحاربة ودفعها لتسوية سياسية وهدنة دائمة. فالحوثيون يريدون رفعا كاملا للحصار الذي يفرضه التحالف الذي تقوده السعودية. وهم محقون في هذا الطلب كما يقول ريدل، فاليمن بحاجة ماسة لاستيراد الطعام والدواء. وهناك نسبة 80% من سكان البلد تعتمد على الدعم الإنساني وثلثي السكان البالغ عددهم 24 مليون نسمة يعانون من فقر التغذية، والأطفال هم الأكثر حاجة.
وبحسب دراسة حديثة نشرت في بريطانيا فقد استهدفت الغارات السعودية طوال الحرب التي مضى عليها خمسة أعوام المستشفيات والمواقع المدنية الأخرى. وثلث الغارات الجوية ضربت منشآت مدنية مثل المستشفيات والمدارس. وبسبب القصف والحصار فنصف المنشآت الحيوية عاملة بالقدرات الكافية.
ويؤكد الكاتب أن الحوثيين ليسوا ملائكة، فقد فرضوا الضرائب على المساعدات الإنسانية من الخارج، ولاحقوا وقمعوا الصحافيين وأطلقوا الصواريخ ضد الأهداف المدنية في السعودية.
والحل ليس تخفيض الدعم كما تفعل إدارة دونالد ترامب، ولكن رفع الحصار وفتح البلد للعالم الخارجي والإعلام، ويمكن لأمريكا فتح حوار مباشر مع الحوثيين.
ويرى ريدل أن السعودية تواجه أزمتها الإنسانية بسبب وباء كورونا، وهي مغلقة الآن تماما وبحظر للتجوال في الرياض وبقية المدن. وتم إلغاء كل الزيارات الدينية لمكة والمدينة وتم إلغاء الحج الذي يحل موعده في شهر تموز/ يوليو، وتعد الزيارات الدينية مصدرا للدخل في المملكة خاصة منطقة الحجاز.
ويواجه السعوديون أسوأ وضع لانتشار الفيروس من بين دول الخليج الستة. وأصيب حاكم الرياض بالفيروس، وهو يعالج الآن بمستشفى في مدينته. كما أن انخفاض الطلب العالمي على النفط كان سببا في انخفاض أسعاره.
ويحتاج السعوديون إلى سعر 85 دولارا للبرميل حتى يتمكنوا من موازاة الميزانية، وسعر البرميل اليوم أقل من ربع هذا المبلغ. ووافق السعوديون مترددين الأسبوع الماضي مع روسيا وبقية الدول المنتجة للنفط على تخفيض مستويات الإنتاج، ولا توجد هناك مؤشرات على تعافي أسعار النفط. ولا خيار أمام السعوديين إلا الاعتماد في النفقات على احتياطاتهم الأجنبية التي تراجعت بشكل كبير منذ وصول الملك سلمان إلى العرش والحرب المتهورة التي بدأها ابنه ولي العهد في اليمن.
وأصبحت رؤية 2030 التي يطمح لتنفيذها محمد بن سلمان “سرابا”. ويعتقد الكاتب أن آثار انتشار الفيروس التي تقترن مع انهيار أسعار النفط تخلقان وضعا اقتصاديا لم يشهد مثله منذ الكساد العظيم في الثلاثينات من القرن الماضي. ولهذا السبب فهي بحاجة وبشكل عاجل لوقف النزيف المالي والخروج من مستنقع اليمن.
وتعاني إيران منافسة السعودية من آثار فيروس كورونا، وبطريقة لم تمر على أي بلد في المنطقة. كل هذا لأنها لم تتعامل بشكل جيد مع الأزمة، وهي معنية باستمرار الحرب في اليمن وتجفيف المصادر السعودية فيها.
وأُعلن عن تسجيل أول حالة فيروس كورونا في شرق محافظة حضرموت. وتتقاسم السيطرة على المنطقة السعودية والقاعدة والميليشيات المحلية التي دربتها الإمارات العربية المتحدة.
وتقول لجنة الصليب الأحمر إن انتشار الفيروس في اليمن سيكون “سيناريو كابوسي” وستكون الحصيلة كارثية في بلد يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم. ويبحث السعوديون عن طريق للخروج من اليمن بدون أن يكون لديهم أي خيار واقعي عن تسليم معظم اليمن للحوثيين ومنظور بقاء جماعة وكيلة لإيران على حدودهم الجنوبية.