شؤون العرب والخليج
هل تستهدفميتا قيادات الحزب فعلا؟
"أرشيفية"
"حزب الله يقاطع واتساب وينتقل إلى تيليغرام"... عنوان غريب تصدّر صفحات وسائل الإعلام اللبناني اليوم الأربعاء، بعد أن كشفت الصحيفة اللبنانية الصادرة باللغة الفرنسية "لوريان لوجور" خبر تلقّي المسؤولة الإعلامية لـ"حزب الله" رنا الساحلي وبعض من نواب الحزب رسالة تُفيد بحظر أرقام هواتفهم عن استخدام تطبيق "واتساب"، دون ذكر الأسباب وبدون توضيح ما إذا كان هذا الحظر دائمًا أم مؤقتًا.
وقد حاولت الساحلي إستغلال المسألة واعتبار هذا الحظر قضية حريات وقمعّا لآراء نواب الحزب "من جانب الولايات المتحدة، التي تمتلك واتساب" على حدّ تعبيرها. بل قالت للصحيفة المذكورة ما حرفيته أنها "لا ترتكب عملًا إرهابيًا بل تنقل صوت حزب الله للناس". فهل تستهدف"ميتا" قيادات حزب الله فعلا؟
ردًا على سؤالنا، لفت المسؤول الإعلامي لمؤسسة سمير قصير جاد شحرور إلى أن تطبيق "واتساب"، الذي يعد جزءًا من مجموعة شركات "ميتا"، يحتفظ بحق حظر الحسابات في حالة انتهاكها لشروط الخدمة. يشمل ذلك الأنشطة التي يعتبرها مخالفة مثل إرسال رسائل غير مرغوب فيها أو رسائل احتيالية، أو نشر أي صور وشعارات حزبية لمنظمات مصنفة إرهابية، بالإضافة إلى التصرفات التي قد تعرض سلامة مستخدمي واتساب للخطر. وعليه كجزء من المنظومة الرقابية التلقائية لـ"ميتا" تُتخذ إجراءات شبه مبرمجة على حظر حسابات يعتبرونها مشبوهة بمعنى أنها تخترق القواعد الرئيسية للتطبيق.
وقال شحرور لـ"جسور" أن "هناك محاولة أن تكون القضية، قضية يُجيش لها، لأننا عندما نذهب إلى المواقع الإخبارية التي ترجمت الخبر عن صحيفة "لوريان لوجور" نجد في طريقة صياغة الخبر وكأن هناك استهداف مباشر من "ميتا" و"واتساب" لشخص رنا الساحلي. وفي مسألة الحظر فطبعاً هي ليست معركة شخصية مع الساحلي أو مع نواب حزب الله، ولكن شروط هذه المنصة ألا يكون هناك أي محتوى له علاقة بحزب الله سواء بالصور أو بالعلم الحزبي أو بالشعارات
وبشكل تلقائي يتم حظر أي محتوى او حساب له علاقة بهذا الموضوع،.وبالتالي ليس هناك أي استهداف شخصي بمعنى أنه لم يمكن هناك أي اجتماع خاص لحظر رنا الساحلي أو لنواب حزب الله من قبل هذه المنصة بل يتم هذا الحظر بشكل تلقائي. ومثال آخر على ذلك، تأكيدًا لما أقول، تجد أنه لو حاولت أي مؤسسة إعلامية أو أي صحافي أو مستخدم لمواقع التواصل الاجتماعي وخصوصاً فايسبوك أن ينشروا محتوى يتناول اسم "حزب الله" سيتم حظره بشكل تلقائي سواء أكان داعم للحزب أو ضده. وعليه نكرر، هي ليست مسألة حريات، بعيدًا عن كوننا نتفق أو نختلف على الأحكام للخصوصيات التي تفرضها هذه المنصات على المستخدمين"
ومن الجدير بالذكر أن "حزب الله" تم تصنيفه كتنظيم إرهابي في العديد من الدول، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تفرض أميركا عقوبات على مسؤولين في الحزب وعلى الأفراد المرتبطين به أو المؤيدين له والمقدمين له دعمًا. تُتخذ أيضًا إجراءات لحذف الصفحات والحسابات المؤيدة لـ "حزب الله" على منصة "فيسبوك" التابعة لـ"ميتا". ومع ذلك، لا تزال الجهود جارية لمواجهة نشاط جيشه الإلكتروني، حيث يستخدم هذا الجيش أساليب متعددة لتجاوز التدابير المتخذة لحجبه.
أما المعضلة الأهم، فهو حقيقة أنه ولكي تصنّف أي قضية "قضية حريات" فعليها على الأقل أن تستوفي معايير معينة، أبرزها ألا يكون الشخص المُطالب بحريّة رأيه، هو ذاته من القامعين لحرية آراء الآخرين. ومن لا يعرف من هي رنا الساحلي، فهي تحمل صفة "مسؤولة حزبية" وعن دون وجه حق تُصادر الدور السيادي للدولة اللبنانية بتنظيم ومنع أو السماح بالتصوير في مناطق سيطرة حزب الله الأمنية، كالضاحية الجنوبية مثلا. أي أن الساحلي، وبإطار عملها اليومي، تحدد من يدخل ومن لا يجدر به الدخول والتصوير في المناطق التي تخضع لسيطرة حزبها، فبأي حق يشتكي القامع على مستوى منطقة لبنانية من القمع على مستوى تطبيق الكتروني عالمي؟
هذا ما إذا اعتبرنا أن حظر تطبيق واتساب لحسابها وحساب نواب حزب الله هو قضية حريات واستهداف إقليمي -أميركي لأشخاصهم. ناهيك عن أنه، وبسبب ممارسات الجهاز الإعلامي لحزب الله التي تمثله الساحلي، تحوّلت الضاحية إلى منطقة معزولة وممنوع فبها إعلاء الأصوات المطالبة بالمياه والكهرباء والحقوق المعيشية بالظهور علانيةـ إلى حد ظهور ما يقال أنه "متلازمة قبل السحسوح وبعده" فنشاهد بعد كل فيديو إعلامي يسلط الضوء على تقصير ما لأي نائب أو مسؤول حزبي، يُتبع بفيديو اعتذار وتقديم "طاعة". ممارسات تغذي وبشكل مباشر فكرة أن تكون الضاحية الجنوبية لبيروت "دويلة" كون الجهاز الإعلامي لحزب الله، وتحت إشراف الساحلي، يتحكم بالرواية العامة عن هذه المنطقة اللبنانية المقموعة بدورها عن التعبير.