شؤون العرب والخليج
التعليم في لبنان بخطر.. الزيادات على الأقساط تخنق الأهل!
"أرشيفية"
ينطلق العام الدراسي الجديد في لبنان مثقلاً بهموم مالية وتربوية على وقع زيادة إضافية للأقساط في العملتين الأجنبية والمحلية، ما أحدث بلبلة كبيرة في صفوف الأهالي.
ولا يخفَ على أحد ما مرّ به الجهاز التعليمي من صعوبات مالية خلال سنوات الأزمة الاقتصادية الخانقة، ما دفع بنقابة المعلمين إلى مناشدة المعنيين النظر إلى أوضاع المدرسين حيث هدد عدد كبير منهم بعدم الاستمرار في أداء رسالتهم التربوية، كما اضطر المئات إلى اختيار طريق الهجرة، فيما وقفت معظم المؤسسات التربوية عاجزة عن إيجاد طرق سحرية لتقليص خسارة كفاءاتها.
سياسة معتمدة
صعوبات من نوع آخر واجهت وستواجه الأهل بين من هو عاجز عن تسديد الاقساط الخيالية وبين أجبر على البحث عن مدرسة أقل كلفة. وكشفت المستشارة القانونية لاتحاد هيئات لجان الأهل في المدارس الخاصة المحامية مايا جعارة لـ "جسور" عن وجود "سياسة معتمدة من قبل المدارس"، حيث أن "المدارس الخاصة قررت أن العام الدراسي الجديد سيلحظ زيادات كبيرة وهكذا كان" مع تأكيدها أن الزيادة ستكون تصاعدية "كل سنة وكأن الهدف العودة إلى أقساط ما قبل 2019".
الشفافية والتعاون
وفيما لم ترتفع في المقابل مداخيل الأهل، رأت جعارة أن وقع الزيادة عليهم سيكون قاسياً "الأهل يتخبطون وتعبوا من مناشدة المعنيين فلا وزارة التربية تقوم بدورها ولا لجنة التربية النيابية جدية في أدائها". وتحدثت جعارة عن حل ارتأته لجان الأهل إنما دونه عقبات "باتت قناعتنا أن الحل الجذري للموضوع يأتي من خلال جهة ثانية تتحمل مع الأهل نسبة من الأقساط أمام إفلاس الدولة".
وأشارت إلى وجود جهات مانحة بأعداد كبيرة في القطاع التربوي "لكن المشكلة تكمن في عدم قناعتها بحاجة المدارس الخاصة إلى المساعدة" وإذ يحتاج الأمر إلى الشفافية اقترحت المحامية اعتماد "تنسيق بين إدارات المدارس ولجان الأهل والأساتذة لتقديم أرقام وداتا تظهر ما تحتاج إليه المدارس وعدم قدرة الأهل على تأمينه".
وشددت على ضرورة توسيع صلاحيات لجان الأهل لتتمكن من العمل من دون ضعوط من إدارات المدارس.
مجلس حوكمة في كل مدرسة
أما عن المدارس الكاثوليكية، فهي كغيرها من المدارس الخاصة، رسمت خطة لمعالجة الواقع المأزوم وتجاوز المرحلة الخطرة إيماناً منها بدور مؤسساتها التربوية حيث قررت في بداية العام الدراسي 2022-2023، "إنشاء صندوق دعم للمعلمين بحوافز مالية واجتماعية وتعليمية للوقوف إلى جانبهم خلال مسيرتهم ريثما تصدر قوانين جديدة تعدّل من رواتبهم" كما أشار الأمين العام للمدارس الكاثوليكية الأب يوسف نصر.
وأضاف الأب نصر في حديث لـ"جسور" أنهم قاموا بخطوة استباقية في مطلع عام 2023 مع بدء التخطيط للعام الدراسي المقبل 2023- 2024 والتفكير بما يمكن القيام به لتهدئة الوضع والمحافظة على الرسالة التربوية، فتم اتخاذ القرار بإنشاء مجلس حوكمة يضم لجنة الأهل ورابطة المعلمين داخل كل مدرسة للتنسيق فيما بينهم ووضع موازنة استباقية للعام الدراسي المقبل ما يضعنا على بيّنة مما يمكن لكل مدرسة أن تمنحه للمعلمين ومدى انعكاس ذلك على الأهل وقدرتهم المالية، كذلك أعلنت كل مدرسة عن احتياجاتها".
ولفت في المقابل، الى أن الأمانة العامة غير قادرة على تعميم أي أمر على مؤسساتها التربوية "فالتنوع الجغرافي والبيئي حيث توجد مدارسنا كبير فلدينا مدارس في العاصمة وأخرى في الأطراف إضافة إلى المدارس المجانية".
وتلحظ المدارس الكاثوليكية الشريحة الأكثر فقراً، كما كشف الأب نصر "لا نزال نعتمد مبدأ "صندوق الدعم بالدولار بهدف جمع مساهمة الأهل مع المساعدات التي نحصل عليها من المنح المدرسية من الـ NGOs ومن المؤسسات الداعمة لندعم الشريحة الأكثر فقراً في هذه الظروف الصعبة". وأكد أن المدارس الكاثوليكية تسعى إلى تفعيل المكاتب الاجتماعية في كافة مدارسها لتتمكن من استيعاب طلابها، وعند وجود هوة كبيرة، يلجأ الأهالي إلى اختيار مدرسة تلائم إمكاناتهم المادية.ى وهنا أكد وجود مروحة مدارس لديهم من المدرسة المجانية إلى المدرسة الصغرى والمدرسة المتواجدة في بيئة متواضعة والمدارس المتوسطة وصولاً إلى القوية.
التعليم حق لكل لبناني ولعقود شكل الثروة الوحيدة التي يمكن للأهل منحها لأولادهم، فهل يتم إنقاذ القطاع التربوي قبل فوات الأوان؟