تقارير وتحليلات
تحنيط الوحش: نظرة على التمثيل البرلماني والشرعية في النظام الإيراني
في عرض صارخ للحالة الراهنة للمشهد السياسي الإيراني، سلطت صحيفة “اعتماد” الحكومية الضوء على “تحنيط الوحش” لنظام الانتخابات والتمثيل البرلماني في البلاد في ظل النظام الحالي. وفي أعقاب الانتخابات المشوهة التي جرت في شهر مارس/آذار، والتي شهدت الغلبة الساحقة لخيارات خامنئي، أعربت صحیفة اعتماد عن سيناريو مثير للقلق وأوضحت أن “ما ظهر مؤخراً في المشهد الانتخابي في البلاد، من عملية الشطب في مجلس الخبراء والبرلمان، يشهد على خطر يتجاوز مجرد تحديد المسرح و”تحنيط” الانتخابات الرئاسية 2021… لقد تجاوزت مجرد تفريغ الأجزاء الداخلية والمجلدات الفارغة، وأصرت على عدم الحفاظ حتى على المظهر” (صحیفة اعتماد، 13 فبراير).
منذ نشأة نظام الملالي، كان يُنظر إلى إبراهيم رئيسي والحكومة إلى حد كبير على أنهما مجرد منفذين لإرادة الولي الفقیة. ومؤخراً، أكد الرئيس السابق حسن روحاني السلطة الصورية للرئاسة ضمن هذا النظام، معترفاً بأن جميع تصرفاته وتعييناته تتطلب موافقة خامنئي: «لقد راجعت جميع وزراء الحكومة دون استثناء مع القيادة» (وكالة أنباء إيلنا، 27 مارس 2024). .
وكان للسلطة القضائية أيضاً دور فعال في تنفيذ أوامر المرشد الأعلى بالإعدام والقتل والترهيب، بهدف الحفاظ على السيطرة على الاضطرابات المجتمعية.
وقبل بضعة أشهر، كشفت قناة “الانتفاضة حتی الاطاحة بالنظام ” على منصة “تلغرام” أن وزير الخارجية حسين أميرعبد اللهيان، وهو شخصية بارزة في إدارة رئيسي، أعرب عن أسفه لـ”إضعاف سلطة ومكانة وزارة الخارجية”. وطلب “إصدار الأوامر لكافة الجهات بتنسيق علاقاتها الخارجية مع وزارة الخارجية”. لكن مكتب خامنئي، استجابة لمطالب هذا الوزير، أعاد توجيهه إلى رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف، وأمره بعدم تجاوز حدوده.
وفيما يتعلق بموضوع دكتاتورية الولي الفقیة، أبرزت مقابلة أجريت مؤخرًا مع وزير الخارجية السابق محمد جواد ظريف أن جميع مكونات النظام ومؤسساته هي مجرد بيادق في يد خامنئي، ومهمتها الوحيدة تنفيذ “توجيهات الولي الفقیة”، مما يؤدي بشكل أساسي إلى نشر الأزمات والفوضى و الإرهاب كسياسة دولة.
وكان ظريف قد أقر في السابق بضرورة مواكبة الدبلوماسية مع الاستراتيجيات العسكرية، واعترف بشكل أساسي بأن “الدبلوماسية” في النظام لا تؤدي إلا إلى تسهيل النزعة العسكرية والاغتيالات الإقليمية لقاسم سليماني. وقال: “لقد كان لي شرف الصداقة العميقة والتعاون مع الحاج قاسم لأكثر من عقدين من الزمن، وهي علاقة لم تتلاشى حتى استشهاده فحسب، بل تعمقت دائما” (صحيفة إيران، 29 نيسان 2021).
ومع ذلك، في مقابلة أجريت معه مؤخرًا، بينما أظهر ظريف ولائه لخامنئي، سلط الضوء على الاستبداد والاستبداد الوحشي للولي الفقیة، وكشف أن كل شيء يحدده الدكتاتور نفسه، بينما ينفذ الآخرون أوامره فقط. وقال: “أعتقد أن وزارة الخارجية يجب أن تكون جزءًا من نظام صنع القرار، وأنا أقبل رأي الولي الفقیة بأن وزارة الخارجية هي المنفذ. ولكن على الأقل دعها تكون المنفذ، ولا تكون غير ذات صلة تمامًا بالسياسة الخارجية”. (موقع جماران الحکومي، 24 آذار).
وكشف ظريف كذلك أنه منذ سنوات، حتى منذ عهد خاتمي، تم نقل “ملفات السياسة الخارجية الحساسة” مثل تلك المتعلقة بأفغانستان وسوريا والعراق واليمن، والتي ترتبط مباشرة بشريان حياة النظام المتمثل في تصدير الأزمات وإثارة الحروب الإقليمية من الوزارة إلى الفروع الأخرى الخاضعة مباشرة لسيطرة خامنئي.
وبالتالي، فمن الواضح أنه على الرغم من إذلالهم من قبل أسيادهم في عدة حالات، فإن من يسمون بالإصلاحيين، المتواطئين بشدة في جرائم النظام ولم يسعوا أبدًا إلى تحقيق إصلاحات حقيقية. وبدلاً من ذلك، لعبوا أدواراً تبريرية لجعل فظائع النظام قابلة للعرض أمام أطراف خارجية. وبينما أظهروا أنهم الوجوه المطالبة بالتغييرعلى المستوى الدولي، كانوا جنوداً مخلصين لنظام خامنئي يرتدون البدلات بدلاً من الزي العسكري.
في الختام، يمكن تصور النظام بأكمله باعتباره محنطًا وحشيًا، حيث يقوم الولي الفقیة فقط باتخاذ القرارات والتحدث علنًا، في حين أن الباقي مجرد بيادق تابعة. ويسلط هذا التصوير القاتم الضوء على الأزمة العميقة التي يعاني منها الشرعية والتمثيل البرلماني داخل النظام السياسي الإيراني، الأمرالذي يتطلب تغييراً حقيقياً في الوضع الحالي من قبل الشعب الإيراني وإقامة نظام ديمقراطي بدلاً من الدكتاتورية الدينية.