تقارير وتحليلات
العربدة التركية بوقود الجحيم
هل تكرر أنقرة كارثة بيروت في مصراتة؟
في العاشر من يناير عام 2018، أعلنت اليونان عن ضبط وإيقاف سفينة تركية، قالت إنها كانت متجهة إلى ليبيا ومحملة بـ29 حاوية تضم بعضها مادة «نيترات الأمونيوم» الكيميائية التى تستخدم فى صناعة المتفجرات.
الواقعة التي رأت اليونان أنها خطيرة فعبرت عنها بوصفها للسفينة بـ«القنبلة المتحركة» لم تجد صدى دوليًّا واسعًا حينها كونها لم تكن السفينة الأولى التي ترسلها تركيا إلى ليبيا، فتراوحت الأخبار آنذاك بين نفي تركي لإبحار السفينة نحو ليبيا، وتعهد ليبي بالتحقيق في الواقعة.
عقب ذلك، بعامين تقريبًا، وتحديدًا الثلاثاء 4 أغسطس 2020، عادت مادة «نيترات الأمونيوم» إلى صدارة المشهد، حينما هز انفجار ضخم مرفأ بيروت، وترتب عليه سقوط مئات القتلى وأكثر من 5000 مصاب.
وفيما ذهبت أغلب السيناريوهات الرسمية وغير الرسمية إلى أن الانفجار الذي خلف سحابة برتقالية ضخمة في سماء بيروت شاهدها العالم، وقع نتيجة تخزين 2750 طناً من «نيترات الأمونيوم» بالمرفأ، أعاد الحادث إلى الإذهان واقعة السفينة التركية التي ضبطتها اليونان مطلع 2018، وقالت إنها كارثة على أي مكان تنزل به.
ومنذ انفجار بيروت، تتهم أصوات ليبية ، أنقرة باللعب بأمن البلاد بعد إرسالها لسفينة كانت من الممكن أن تُحدث ما وقع في لبنان بمدينة مصراتة الساحلية التي تُعد الوجهة الأولى لسفن السلاح التركية بليبيا.
وقود الجحيم
وفي تقرير بعنوان «نيترات الأمونيوم .. وقود الجحيم الذي أنقذت اليونان مصراتة منه ومن مصير مشابه لبيروت»، نُشر في السادس من أغسطس الجاري، قالت صحيفة «المرصد» الليبية، إن مصراتة كانت تقترب من التحول لمدينة منكوبة على غرار بيروت لو كانت هذه السفينة رست على شواطئها وحدث أي خطأ في تخزين حاوياتها.
وإمعانًا في تقدير خطورة السفينة، حاولت تركيا التحايل وقت الواقعة، إذ زعمت السفارة التركية فى طرابلس أن السفينة لم تكن متجهة نحو ليبيا ولكنها كانت في طريقها إلى أثيوبيا.
وعلى الرغم من أن المزاعم التركية مردود عليها بكون إثيوبيا دولة لا تطل على أي بحار ومن ثم لا تملك أي ميناء، فإن المنطقة الحرة بمصراتة، بصفتها الجهة المسؤولة عن إدارة الميناء، كشفت في بيان بتاريخ 13 يناير 2018، إن إدارة الميناء تلقت طلبًا من السفينة التركية المذكورة للرسو في ميناء مصراتة.
هل هي السفينة الوحيدة؟
على قدر الارتياح لكون السفينة التركية المحملة بنيترات الأمونيوم لم ترسُ على شواطئ مصراتة بفضل الجهود اليونانية، إلا أن السياسة التركية نحو ليبيا، والتي تعتمد على مد المجموعات المسلحة الداعمة لحكومة الوفاق وميليشياتها بالسلاح عبر خط بحري مفتوح تقر به كل من أنقرة وحكومة الوفاق، تفتح المجال أمام احتمالية أن تكون تركيا أرسلت بالفعل شحنات متفجرات مماثلة وجدت طريقها إلى داخل ليبيا، أو على الأقل قد ترسل في المستقبل.
وأمام هذا السيناريو تصبح «مصراتة»، المدينة الاقتصادية الليبية الكبرى، قريبة من سيناريو بيروت التي فقدت نصف معالمها، بحسب عضو مجلس النواب الليبي، محمد عامر العباني.
ويقول النائب إن أنقرة لا تتورع في فعل أي شيء بليبيا حتى لو سيكون له نتائج كارثية أو تنتهك بها القرارات والاتفاقيات الدولية، مشيرًا إلى أن تركيا وجماعة الإخوان متورطون في إذكاء الصراع بليبيا عبر إدخال السلاح والمرتزقة، ولم يستبعد أن تصبح مصراتة على تجربة شبيهة بتجربة بيروت، مشيرًا إلى أن ذلك ستكون عواقبه وخيمة.
وحول كيفية الحيلولة دون تكرار التجربة، أوضح: «سبق لي الدعوة إلى عمل سياسي ودبلوماسي يضع حدًا إلى العربدة التركية في منطقة الشرق المتوسط، وفي شرق المتوسط، وفي ليبيا»، مطالبًا بأن ترفع الدول الإقليمية مذكرات شكوى إلى مجلس الأمن بغرض فرض الفصل السابع وعقوبات دولية رادعة تمنع تركيا من المضي في سياساتها بليبيا.