أخبار

مناورة خامنئي الأخيرة: المقامرة بالملف النووي من أجل البقاء

مناورة خامنئي الأخيرة: المقامرة بالملف النووي من أجل البقاء

مناورة خامنئي الأخيرة: المقامرة بالملف النووي من أجل البقاء

الخلیج بوست

في الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات النووية بوساطة عُمانية وتشتد فيه الضغوط الدولية على خامنئي لوقف برنامج تخصيب اليورانيوم، جاء خطابه الأخير في ذكرى نفوق خميني ليؤكد مجدداً أن النظام الإيراني يعيش في مأزق استراتيجي حقيقي. ففي حين وصف خامنئي بلهجة حادة الاقتراح الأمريكي بأنه “يتنافى مع قدراتنا الذاتية” واعتبر التخصيب مفتاحاً للاستقلال الوطني، فإن هذه التصريحات لا تعكس قوة، بل تكشف عن قلق ويأس عميقين لدى نظام محاصر بالضغوط الداخلية والخارجية.

إن هذا القلق الذي يسري في قلب النظام يتجلى في محاولة خامنئي لتبرير برنامج التخصيب بالاستناد إلى “عقلانية” خميني  الملعون والتأكيد على ولاية الفقيه والاستقلال الوطني. لكن هذه اللغة الخطابية تخفي وراءها غياباً لاستراتيجية متماسكة. فالنظام اليوم لا يملك القدرة على القبول باتفاق جديد، وهو ما يعتبره بمثابة “شرب للسم”، وفي الوقت ذاته، لا يستطيع تحمل استمرار الضغوط الدولية إذا ما مضى قدماً في التخصيب. 

وتُظهر تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن النظام الإيراني، حتى أثناء المفاوضات، يواصل رفع مستويات التخصيب إلى درجات عالية جداً. هذه المفارقة – التفاوض ظاهرياً والإصرار على التخصيب عملياً – تضع النظام في موقف هش للغاية. إنه أشبه بـ”لعب على حبل مشدود” يهدف إلى كسب الوقت ومحاولة الالتفاف على آليات دولية مثل “بند الغروب” في الاتفاق النووي وآلية “سناب باك” لإعادة فرض العقوبات. لكن هذه الاستراتيجية، في ظل غياب المصداقية وتزايد الضغوط، محكوم عليها بالفشل.

يمثل برنامج التخصيب بالنسبة للنظام الإيراني سيفاً ذا حدين؛ فهو ليس مجرد مشروع تقني، بل أداة سياسية للحفاظ على السلطة، أنفق عليها النظام المليارات على حساب فقر الشعب وأزماته المعيشية. يعتبر خامنئي هذا البرنامج ضمانة لبقاء نظامه، لكن هذه المقامرة الباهظة الثمن عزلت النظام أكثر عن المجتمع الدولي.

 ويبدو أن “لا طريق للعودة ولا سبيل للتقدم”؛ فاستمرار التخصيب يهدد بتفعيل آلية إعادة فرض العقوبات وتفاقمها، بينما يعني وقفه استسلاماً للضغوط الخارجية وإضعافاً لموقف النظام في الداخل. إن محاولة خامنئي إضفاء الشرعية على هذه السياسة بالحديث عن “الاستقلال الوطني” ومقارنة برنامج بلاده ببرامج دول أخرى، هي محاولة واهية، خاصة وأن النظام قمع القومية الحقيقية مراراً وحوّل مفهوم الاستقلال إلى أداة لتبرير القمع الداخلي والمغامرات الخارجية.

وعلى الرغم من المحادثات المرتقبة، والتي ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” أنها ستُعقد قريباً، فإن النظام لا يبدو أنه يسعى إلى اتفاق حقيقي. إن تصريحات المسؤولين، ومنهم عراقچي الذي يصف نفسه بـ”الدبلوماسي بالفطرة”، تشير إلى رغبة في إطالة أمد المفاوضات بهدف خلق انقسامات في التحالف الدولي، خاصة بين أوروبا والولايات المتحدة، والتأثير على تقارير الوكالة الدولية.

ولكن الوقت لا يعمل لصالح النظام، فمع اقتراب الموعد النهائي لأحد البنود الرئيسية في الاتفاق النووي في فصل الخريف، تتزايد الضغوط لاتخاذ قرار حاسم. وفي هذا السياق، يقول الدبلوماسي الأمريكي السابق إليوت أبرامز إن أي اتفاق مؤقت مع هذا النظام لا طائل منه، لأن طبيعته غير قابلة للتغيير وسيسعى دائماً نحو امتلاك السلاح النووي، وأي تنازل سيؤدي فقط إلى زيادة التخصيب.

في نهاية المطاف، يجب التأكيد على أن حل الأزمة النووية الإيرانية يكمن في يد شعب هذا البلد. وكما يُقال عن الأمريكيين إنهم يصلون إلى الحل الصحيح بعد تجربة كل الخيارات الأخرى، يجب التأكيد هنا على أن الحل المستدام الوحيد هو دعم مقاومة الشعب الإيراني واستبدال النظام الحالي بآخر ديمقراطي وغير نووي. إن خطاب خامنئي، بكل ما فيه من حدة وادعاءات، ليس علامة قوة، بل هو تعبير عن ضعف نظام وصل إلى طريق مسدود في مواجهة الضغوط الداخلية والخارجية.

وحدات الانتفاضة في زاهدان: حل برنامج القنبلة النووية هو تغيير النظام على يد الشعب والمقاومة الإيرانية


السبيل لضمان أمن المنطقة من تدخلات


خامنئي يقرع طبول المواجهة: تهديدات جوفاء على حافة الهاوية


مظاهر انهيار الرأسمال الاجتماعي للنظام الإيراني