تقارير وتحليلات
نظرة مشتركة إلى السلام كمصلحة للفلسطينيين وخدمة لقضيّتهم..
تأييد السلام مع إسرائيل نقطة وفاق جديدة تكرس التحول في العلاقة بين مسقط وأبوظبي
أيّدت سلطنة عُمان قرار الإمارات وإسرائيل توقيع اتفاق سلام بينهما، فيما وصفت مملكة البحرين الخطوة الإماراتية الإسرائيلية بالتاريخية التي ستسهم في تعزيز الاستقرار والسلم في المنطقة، وذلك في ظلّ ترجيحات متواترة لدى العديد من المصادر الخليجية والعربية، بأن البحرين مرشّحة لأن تكون أول بلد خليجي يحذو حذو أبوظبي في ربط علاقات طبيعية مع تلّ أبيب، وبأّن مسقط جاهزة مسبقا لخطوة مماثلة ولا ينقصها سوى اختيار اللحظة المناسبة للقيام بذلك.
وورد في بيان لوزارة الخارجية العمانية أنّ السلطنة تؤيّد “قرار الإمارات بشأن العلاقات مع إسرائيل، في إطار الإعلان التاريخي المشترك بينها والولايات المتحدة وإسرائيل”.
وجاء الموقف العماني متّسقا مع النهج الذي سلكته سلطنة عُمان منذ سنوات وأقامت بموجبه علاقات غير رسمية مع إسرائيل تبيّن مقدار تقدّمها خلال الزيارة التي قام بها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى مسقط في أكتوبر 2018 حيث استُقبل بحفاوة من قبل سلطان عُمان السابق قابوس بن سعيد.
لكنّ ما انطوى عليه الموقف ذاته من مساندة للخطوة الإماراتية كرّس، في الآن نفسه، التحوّل الواضح في علاقات عُمان بمحيطها الخليجي، حيث سجّل مراقبون توجّه السلطنة في عهد السلطان هيثم بن طارق نحو إعادة الحرارة إلى العلاقة مع مكوّنات مجلس التعاون، وتحديدا مع دولة الإمارات، بعد سنوات من البرود قياسا بالعلاقات القائمة بين مسقط وطهران.
وزاد من ثبات ذلك التحوّل استناده إلى مصلحة حيوية لعُمان عندما اختارت الحكومة العمانية الاستعانة بأكبر بنك إماراتي لترتيب قرض تسعى للحصول عليه من الخارج بعد أن واجهت صعوبات اقتصادية ومالية جرّاء جائحة كورونا وانخفاض أسعار النفط.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن، الخميس، عن توصل الإمارات وإسرائيل لاتفاق وصفه بالتاريخي لتوقيع اتفاق سلام بينهما، فيما قالت الإمارات إنّ المسار يتضمّن تخلّي إسرائيل عن ضمّ الأراضي الفلسطينية.
وأكّد بيان الخارجية العمانية تطلع السلطنة إلى “أن يسهم ذلك القرار (الإماراتي الإسرائيلي) في تحقيق السلام الشامل والعادل والدائم في الشرق الأوسط، بما يخدم تطلعات شعوب المنطقة في استدامة دعائم الأمن والاستقرار والنهوض بأسباب التقدم والازدهار للجميع”.
وفي موقف خليجي ثان مؤيد للخطوة الإماراتية الإسرائيلية، هنّأت مملكة البحرين دولة الإمارات العربية المتحدة وأشادت بتوصّلها إلى اتفاق يوقف ضم الأراضي الفلسطينية واتخاذ خطوات توصل إلى السلام في الشرق الأوسط.
البحرين أوّل المرشحين لاتباع الخطوة الإماراتية، ومسقط تبني على رصيد سابق من العلاقة غير الرسمية مع تل أبيب
وورد في بيان بثته وكالة الأنباء البحرينية أنّ المنامة “تشيد في الوقت ذاته بالجهود الكبيرة التي بذلتها الولايات المتحدة الأميركية للتوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي استمرارا لحرصها المتواصل على تعزيز وترسيخ دعائم الأمن والاستقرار والسلام في جميع أنحاء العالم”، وأنّ مملكة البحرين تتطلّع إلى “مواصلة الجهود للتوصل إلى حل عادل وشامل ودائم للنزاع الفلسطيني الإسرائيلي”.
وأجمع متابعون للشأن الخليجي على اعتبار الموقف البحريني تمهيدا لخطوة عملية في ذات التوجّه الإماراتي لن تتأخّر المنامة في اتّخاذها استنادا إلى رصيد سابق مع العلاقات غير المعلنة بين المملكة وإسرائيل.
وأيّدت هذا التوقّعَ تقاريرُ لوسائل إعلام إسرائيلية تحدّثت عن إجراء مسؤولين إسرائيليين كبار “محادثات متقدمة مع البحرين بشأن تطبيع العلاقات معها”. ونُقل عن مسؤول أميركي كبير قوله إنّ من المتوقع أن تقوم البحرين وسلطنة عُمان بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في المستقبل القريب.
وتتوافق الخطوة التي أقدمت عليها الإمارات تجاه إسرائيل مع ما قامت به سلطنة عُمان في أوقات سابقة عزّزت خلالها علاقاتها مع إسرائيل وأخرجتها إلى العلن من خلال استقبال مسقط لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ولاحقا من خلال لقاء وزير الشؤون الخارجية العماني يوسف بن علوي بنتنياهو على هامش مؤتمر الشرق الأوسط الذي انعقد في العاصمة البولندية وارسو في شهر فبراير من العام الماضي.
كذلك تلتقي عُمان والإمارات في النظرة إلى أنّ إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل تخدم قضية الشعب الفلسطيني وتزيل العقبات من أمام عملية السلام المفيدة لكل شعوب المنطقة.
وقرّرت سلطنة عُمان بناء على ذلك المنظور افتتاح سفارة لها في الأراضي الفلسطينية المحتلة “استمرارا لنهج السلطنة الداعم للشعب الفلسطيني”.
وكثيرا ما وضعت عُمان علاقاتها المتنامية مع إسرائيل تحت عنوان تقريب وجهات النظر بين الفلسطينيين والإسرائيليين لحل القضية الفلسطينية، وقد كثّفت السلطنة خلال السنوات الماضية من تحرّكها على خطّ الوساطة بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، أملا في كسر جمود عملية السلام.
وتدرك عُمان أن مواقف رئيس السلطة محمود عبّاس عالية السقف مجرّد تكتيك سياسي ولذلك تثابر في جهود الوساطة بين رام الله وتل أبيب لثقتها بإمكانية انتزاع موقف أقل تشدّدا من رئيس السلطة.
وعلى هذا الأساس اعتبر مراقبون أنّ انتقادات السلطة الفلسطينية الحادّة لخطوات التقارب العربي الإسرائيلي، وتحديدا قرار الإمارات ربط علاقات طبيعية مع إسرائيل مجرّد موقف شكلي موجّه بالأساس للاستهلاك الشعبي محلّيا وعربيا، مؤكّدين أن رام الله ستبدأ في تخفيض رفضها تدريجيا عندما تنضم البحرين وعُمان ودول عربية أخرى للمسار الذي سلكته الإمارات.