الأزمة السورية

واشنطن تقاطع سوتشي رفضا لاحتكار روسيا التسوية في سوريا

مقاطعة الولايات المتحدة المشاركة في اجتماعات سوتشي، رغم شكليتها، تنطوي على دلالات مهمة لعل من بينها أن إدارة الرئيس جو بايدن ترفض منح موسكو أي نقاط سياسية يمكن أن تحسب لصالحها.

وقفة تأمل

روسيا

قررت الولايات المتحدة مقاطعة اجتماعات “أستانة 15” التي انطلقت الثلاثاء وتختتم الأربعاء في مدينة سوتشي الروسية، في رسالة واضحة بأن واشنطن لن تقبل بأي مظلة روسية لحل الأزمة السورية.

وقال المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف في وقت سابق إن الولايات المتحدة رفضت المشاركة بصفة مراقب في لقاء “صيغة أستانة” في سوتشي.

وكانت إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب أوفدت خلال لقاءات أستانة السابقة ممثلا عنها فيما اعتبر آنذاك إقرارا أميركيا بأهمية الدور الروسي.

ويرى مراقبون أن تحفظ الإدارة الحالية عن الاستمرار في ذات الخطوة يعكس توجها أميركيا لتصويب المسار التفاوضي، مع السعي لحرمان موسكو من تسجيل أي نقاط سياسية في هذا الملف.

وسبق أن انتقدت إدارة بايدن دور روسيا في سوريا حيث اعتبرته تهديدا لها ومزعزعا للاستقرار في هذا البلد والمنطقة بشكل عام.

ويرى متابعون أن روسيا ستحرص خلال اجتماعات أستانة الجارية على الخروج بنتائج إيجابية قادرة على تسويقها للرأي العام الدولي.

وبعد انقطاع لأكثر من عام عادت عجلة اجتماعات سوتشي بانطلاق اجتماعات ثنائية بين الوفود المشاركة الثلاثاء، على أن تتواصل الأربعاء بالجلسة الرئيسية لإعلان البيان الختامي.

ويشارك في الاجتماعات ممثلون عن الدول الضامنة؛ تركيا وروسيا وإيران، ووفدا النظام والمعارضة السوريين، إلى جانب المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا غير بيدرسون، فيما يحضر مندوبون من العراق ولبنان والأردن وكازاخستان بصفة مراقب.

وسبق أن أشار المتحدث باسم وفد المعارضة العسكرية السورية أيمن العاسمي إلى أنه من المنتظر أن تجري الوفود مناقشات حول المسائل السياسية والعسكرية المتعلقة بسوريا. وأعلن العاسمي أن أبرز الملفات المطروحة “تحويل إدلب إلى منطقة وقف إطلاق نار شامل وقضية اللجنة الدستورية شرق الفرات”.

ويترأس أحمد طعمة وفد المعارضة، فيما أعلنت وكالة “سانا” التابعة للنظام السوري أن وفدها يرأسه أيمن سوسان معاون وزير الخارجية والمغتربين.

ويرأس الوفد الروسي لافرينتيف والوفد الإيراني مساعد وزير الخارجية علي أصغر خاجي والوفد التركي نائب وزير الخارجية سادات أونال.

وقال لافرينتيف في تصريحات صحافية إن “الدول الضامنة تعتزم من خلال اللقاء منح دفعة قوية لعملية التسوية السورية”.

ولفت إلى أنه “يجب بذل كل الجهود لمنع موجة عنف جديدة تؤجج النزاع المسلح في سوريا، كما ترغب روسيا في بحث توفير جو بناء لعمل اللجنة الدستورية وسيتم بحث موضوع اللاجئين السوريين خلال الاجتماعات”.

وتكتسب هذه الاجتماعات أهمية كبيرة لمسار العملية السياسية حول سوريا بعد فشل الجولة الخامسة لاجتماعات اللجنة الدستورية التي عقدت في جنيف قبل أقل من شهر.

وكان المبعوث الأممي لدى سوريا أعرب خلال جلسة لمجلس الأمن عقدت مؤخرا عن خيبة أمل جراء التعثر الذي رافق أعمال اللجنة الدستورية، التي بدت تدور جلساتها منذ نحو أكثر من عام ونصف العام في حلقة مفرغة.

ويرى مراقبون أن المفاوضات الجارية في سوتشي ستحاول قدر الإمكان إنعاش فرص التسوية وإعطاء دفعة لعمل اللجنة الدستورية، لكن غياب الطرف الأميركي من شأنه أن يضعف هذه المنصة، حيث أن إدارة بايدن لا تريد إظهار أي تنازلات لصالح روسيا، فضلا عن كون جميع المؤشرات توحي بأن الملف السوري في الفترة الحالية خارج اهتماماتها، حيث تركز اهتمامها على الملف النووي الإيراني فضلا عن الأزمتين اليمنية والليبية.