الحشد السني وتحالف المدن المحررة
تقرير: مناورات طائفية في الساحة العراقية
على وقع المستجدات الساخنة التي تشهدها الساحة العراقية خلال الفترة الأخيرة من تصعيد عسكري بين الولايات المتحدة وإيران على أرض العراق، تعيش الكتل السياسية حالة من إعادة التشكل بسبب التجاذبات المتعارضة بين الفرقاء.
ففي حين يشهد البيت الشيعي حالة من التشظي على خلفية النزاع على الزعامة بين أتباع المرجع العراقي علي السيستاني والمقربين من طهران، وهو ما تجلى بانشقاق عدة فصائل مقربة من السيستاني وخروجها من الحشد الشعبي هربًا من الهيمنة الإيرانية على قيادته، تبحث فصائل أخرى الالتحاق بالمنشقين بل إن فصائل الحشد العشائري التي يهيمن عليها المكون السني تبدو بصدد التكتل مع فصائل المرجعية الأربعة التي انفصلت حديثًا.
وتهدف الفصائل العشائرية عبر الانضمام إلى الألوية المسلحة المقربة من السيستاني، تجاوز حالة التهميش والترهيب الذي تتعرض له من جانب الميليشيات الإرهابية المقربة من إيران والتي يشرف عليها الحرس الثوري.
وبحسب التقارير الإعلامية فقد أجريت مباحثات بالفعل داخل الحشود العشائرية السنية في محافظات الأنبار وغرب صلاح الدين ونينوى؛ لاسيما بعد تصاعد أعمال المداهمة والتفتيش التي تنفذها كتائب حزب الله داخل قرى يسيطر عليها الحشد العشائري في مدينة القائم، غربي البلاد واعتداءاتها على المسؤولين المحليين.
وفي المقابل تشهد الساحة السياسية السنية لغطًا كبيرًا هذه الأيام على وقع محاولة خميس الخنجر، رجل الأعمال السني المقرب من طهران تشكيل تجمع سياسي جديد، تحت اسم "تحالف المدن المحررة"، لمناوأة زعامة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، للساحة السنية لاسيما بعدما تكرست زعامته عبر المشاورات السياسية حول تشكيل الحكومة العراقية المقبلة وهي المفاوضات التي واجهت تعثرات عديدة خلال الأشهر الماضية على وقع فشل عدد من المكلفين في التوصل لصيغة توافقية للحكومة.
ويحظى "الخنجر" بدعم عشرة نواب في البرلمان، إلى جانب وزير الكهرباء السابق قاسم الفهداوي ووزير التربية السابق محمد إقبال، وطالب التحالف الجديد بالحصول على 3 وزارات، هي نصف حصة المكون السني في حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي المنتظرة.
وقد كلف برهم صالح رئيس الجمهورية، الكاظمي بتشكيل الحكومة العراقية في 9 أبريل 2020، وكان متوقعًا أن يحظى تحالف القوى العراقية بزعامة الحلبوسي الذي يملك 54 مقعدًا في البرلمان، بالمقاعد الستة الوزارية.
لكن رئيس تحالف المدن المحررة في المقابل يحظى بدعم من رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض المقرب من الإيرانيين، وقد وضعت حكومة الولايات المتحدة الأمريكية الخنجر على لائحة عقوبات وزارة الخزانة بعد اتهامه بدعم ميليشيا عصائب أهل الحق الموالية لطهران، في نهب عقارات في مدينة الموصل السنية، عقب تحريرها من تنظيم "داعش" في 2017، بعد أن كان مطلوبًا سابقًا في قضايا تخص صلاته مع تنظيمي "القاعدة" و"داعش" في العراق.
وفي حين يحاول الكاظمي تشكيل حكومته في أقرب وقت يظهر بجلاء أن حراك القوى المقربة من إيران لن تدع تلك المهمة تمضي بسهولة دون أن تكون لها الكلمة العليا في المشهد السياسي ضمن عملية ديمقراطية شكلية تستبعد أي صوت أو رأي للمواطن العراقي أيا كان انتماؤه المذهبي أو العرقي.