اليمن..

استكمال تنفيذ اتفاق الرياض.. جهود سعودية ودعوات دولية

"أرشيفية"

الرياض

جهود سعودية متواصلة ودعوات إقليمية ودولية متتالية، لتطبيق تنفيذ اتفاق الرياض، بهدف توحيد صفوف اليمنيين وتنمية المناطق المحررة.

أحدث تلك الدعوات صدرت، الخميس، من المجموعة الرباعية بشأن اليمن المؤلفة من المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة الأمريكية.


وتأتي الدعوة بعد يومين من أخرى مماثلة تضمنها البيان الختامي للقمة الخليجية الـ42 لطرفي اتفاق الرياض باستكمال تنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق، سبقتها دعوات أخرى صدرت من واشنطن والاتحاد الأوروبي والدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي وأطراف عدة لاستكمال تنفيذ بنود الاتفاق.

 

وتواكب تلك الدعوت وتسبقها جهود سعودية متواصلة -بدعم إماراتي- للدفع قدما نحو تنفيذ الاتفاق، ودعوة أطرافه أكثر من مرة على مدار الفترة الماضية لاجتماعات لبحث سبل تذليل أي معوقات تواجهه.

محطات في اتفاق
واتفاق الرياض هو اتفاق جرى توقيعه في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، بحضور الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي.

واستهدف الاتفاق نزع فتيل التوتر في عدن والمدن اليمنية المحررة آنذاك، بعد تصادم سياسي وعسكري بين الطرفين، بهدف حشد جهود اليمنيين المؤيدين للشرعية وتوحيد صفوفهم في مواجهة مليشيات الحوثي، مع التركيز أيضا على دعم الأمن والاستقرار في المناطق المحررة.

ونص الاتفاق على تشكيل حكومة كفاءات لا تتعدى 24 وزيرا يعين الرئيس أعضاءها بالتشاور مع رئيس الوزراء والمكونات السياسية على أن تكون الحقائب الوزارية مناصفة بين المحافظات الجنوبية والشمالية.

وشمل الاتفاق ترتيبات عسكريه وأمنية واقتصادية ونزع فتيل التوتر بين الطرفين وتطبيع الحياة العامة في المناطق المحررة.

ومع كل خطوة يدفع بها التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن والأطراف الموقعة على الاتفاق نحو تنفيذه، كانت هناك محاولات دائمة لعرقلته، تارة من خلال مساعي المليشيات الحوثية للتصعيد العسكري لعرقلة أي جهود تصب في تحقيق أمن واستقرار المناطق المحررة، وتارة عبر عناصر إخوانية في حكومة الشرعية اليمنية كانت تنشط لإجهاض الاتفاق وعرقلة تنفيذه بكل السبل.


وتسببت عرقلة تطبيق اتفاق الرياض في استمرار الشرخ داخل صفوف القوى المناهضة للانقلاب الحوثي، وإثارة الفتنة أكثر من مرة بين الحكومة اليمنية و"الانتقالي الجنوبي"، سرعان ما كان التحالف يتدخل لاحتواء الأمور إدراكا منه لأهمية تحقيق الوحدة.

وفي 28 يوليو/ تموز 2020، أعلنت السعودية أنها توصلت، بمشاركة فاعلة من دولة الإمارات، لآلية لتسريع العمل باتفاق الرياض عبر نقاط تنفيذية تتضمن وقف التصعيد بين الحكومة الشرعية والمجلس الانتقالي الجنوبي.

وفي اليوم التالي، بدأت بالفعل سلسلة خطوات لتنفيذ اتفاق الرياض بموجب الآلية الجديدة، وكلف الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي الدكتور معين عبدالملك بتشكيل حكومة الكفاءات الجديدة بناء على اتفاق الرياض.

وفي 18 ديسمبر/ كانون الأول من العام نفسه، تم الإعلان عن تشكيل حكومة كفاءات مناصفة بين الجانبين تنفيذا لاتفاق الرياض، وهو ما يعني بدء تنفيذ الشق السياسي من اتفاق الرياض المتمثل في تشكيل الحكومة مناصفة، وعودتها للعاصمة المؤقتة عدن.

 إلا أن الحكومة واجهت الكثير من العراقيل منذ تشكيلها قبل عام، كان أولها التفجيرات التي استهدفت مطار عدن الدولي في 30 من الشهر ذاته، تزامنًا مع وصول وزراء الحكومة الجديدة للمطار.


كما حدثت خلال الفترة الماضية العديد من التوترات كانت سبباً في عودة الحكومة اليمنية للرياض أكثر من مرة، قبل أن يعود رئيسها مجددا في 28 سبتمبر/ أيلول الماضي إلى عدن، في زيارة كانت الأولى له منذ مارس/ آذار المنقضي، وسط دعوات محلية وإقليمية ودولية للحكومة اليمنية بالعودة إلى المدينة لاستكمال تنفيذ اتفاق الرياض ومباشرة أعمالها الخدمية، بعد تدهور الأوضاع الخدمية والمعيشية في المناطق المحررة نتيجة تعطيل الاتفاق.

وإضافة إلى العراقيل التي واجهت تنفيذ الشق السياسي، لا يزال الشق العسكري للاتفاق يشهد تعثرا في التفعيل، وسط اتهامات متبادلة عن مسؤولية عرقلة استكمال تنفيذ الاتفاق.

ومن أبرز بنود الشق العسكري؛ عودة جميع القوات التي تحركت من مواقعها ومعسكراتها الأساسية باتجاه عدن وشبوة وأبين، إلى مواقعها السابقة، على أن تحل محلها قوات الأمن التابعة للسلطة المحلية في كل محافظة، وتجميع ونقل الأسلحة من جميع القوات العسكرية والأمنية في عدن إلى معسكرات داخل عدن، تحددها وتشرف عليها قيادة التحالف العربي.

إلى جانب توحيد القوات العسكرية التابعة للحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي وضمها لوزارة الدفاع، وتوزيعها وفق الخطط المعتمدة تحت إشراف مباشر من قيادة التحالف.


في مواجهة تلك العراقيل، تواصل السعودية -بدعم إماراتي- جهودها لجمع الطرفين وتوحيد الصفوف لمواجهة المليشيات الحوثية المدعومة من إيران التي تستغل هذه الخلافات لمصلحتها.

وفي 16 نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، التقى السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، عيدروس الزبيدي رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي والوفد المرافق له في الرياض، لبحث سبل استكمال تنفيذ الاتفاق لتوحيد الصف ودعم جهود الحكومة اليمنية.

وخلال اللقاء، أكد الجانبان ضرورة المضي قدماً في استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، بما يؤدي إلى حشد الجهود وتوجيهها لمجابهة مليشيات الحوثي والتنظيمات الإرهابية.

وأجرى الزبيدي خلال تواجده في الرياض سلسلة لقاءات لنفس الهدف، حيث التقى في 18 من الشهر نفسه المبعوث الأمريكي إلى اليمن تيم ليندركينج، الذي أكد على ضرورة "إحراز تقدم بشأن استكمال تنفيذ اتفاق الرياض لمواجهة التهديدات المشتركة من استفزازات مليشيات الحوثي"، ومعالجة الأزمة الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي وتوطيد دعائم الأمن والاستقرار.

كما التقى في 22 من الشهر ذاته رؤساء بعثات الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن، لبحث تنفيذ اتفاق الرياض وآخر التطورات على الأرض.

وخلال تلك اللقاءات، شدد عيدروس الزبيدي على أولوية اتخاذ خطوات عاجلة وفاعلة لمعالجة الأوضاع الاقتصادية والمعيشية والخدمية المتردية في محافظات جنوب اليمن، من خلال إعادة هيكلة المؤسسات الاقتصادية بما في ذلك البنك المركزي والمجلس الاقتصادي الأعلى والهيئة الوطنية لمكافحة الفساد والجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة وإصلاح السياسات المالية والنقدية.

وشدد على أهمية المضي قدمًا في استكمال تنفيذ اتفاق الرياض، وإصلاح وإعادة هيكلة منظومة الشرعية على النحو الذي يؤدي إلى حشد وتنظيم كافة الجهود لمواجهة مليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية، والخروج من حالة الانسداد السياسي الذي لا يخدم سوى إيران وأدواتها في الجنوب واليمن والمنطقة بشكل عام.

وأوضح أن قيادة المجلس الانتقالي تزور الرياض للمرة الثالثة تأكيداً لحرصها الشديد على إنجاح تنفيذ الاتفاق وتوحيد الجهود من أجل مواجهة مليشيات الحوثي والجماعات الإرهابية.

وأشاد الزبيدي بالدور الذي تلعبه المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، معددا مكافحة الإرهاب وتأمين ممرات الملاحة الدولية والتصدي لمليشيات الحوثي والنشاط الإيراني الهادف إلى الوصول لباب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن.

وفي 6 ديسمبر/ كانون الأول الجاري، أصدر الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي قرارا بإعادة تشكيل مجلس إدارة البنك المركزي، وشمل التشكيل الجديد، تعيين محافظ، ونائب محافظ جديدين للبنك، في ظل انهيار غير مسبوق للعملة المحلية.

"الرباعية"
أمس الخميس، أصدرت دول الرباعية حول اليمن المؤلفة من السعودية ودولة الإمارات والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية، بيانًا حول الوضع الإنساني في اليمن، عبّرت فيه عن قلقها بشأن الوضع الإنساني الخطير الذي يواجهه الشعب اليمني.

كما شددت على العلاقة الوطيدة لهذا الوضع بالتصعيد العسكري المستمر، ورفض الحوثيين لوقف إطلاق النار وبالوضع الاقتصادي للبلاد، مؤكدة أن الجهود المبذولة لتحقيق الاستقرار الاقتصادي تُعدُّ أساسية في تقليص الاحتياجات الإنسانية.

ورحّبت الرباعية بتعيين محافظ للبنك المركزي اليمني ونائب له وأعضاء إضافيين لمجلس الإدارة، وتكليف جهاز الرقابة والمحاسبة بمراجعة وتقييم أعمال البنك المركزي منذ بدء عمله في العاصمة المؤقتة عدن.

كما رحبت بالجهود المبذولة مؤخراً لإعادة إحياء تنفيذ اتفاقية الرياض، وبمساهمة المملكة ودولة الإمارات في هذا المجال، مشددة على حاجة كافة الأطراف السياسية إلى العمل معاً لدعم الحكومة اليمنية الشرعية وخطة رئيس الوزراء للتعافي والإصلاح.

وفي بيانها، أعربت الرباعية أيضا عن قلقها العميق بشأن الهجوم الحوثي المستمر على مأرب، مؤكدة الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار، وخاصة في ضوء الأعداد الهائلة من اليمنيين النازحين جراء المعارك.

وأكدت دول الرباعية التزامها نحو حل سياسي شامل للصراع في اليمن، وعبّرت عن دعمها الكامل لمبعوث الأمم المتحدة هانس غرونبرغ.

ويأتي بيان الرباعية بعد يومين من دعوة البيان الختامي للقمة الخليجية الـ42 "طرفي اتفاق الرياض إلى استكمال تنفيذ ما تبقى من بنود الاتفاق، وتقديم الدعم للحكومة اليمنية لممارسة أعمالها، وتهيئة الأجواء لدعم الحكومة اليمنية في ممارسة أعمالها، وانطلاق عجلة التنمية في المناطق المحررة، لتحقيق تطلعات الشعب اليمني الشقيق وإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع اليمن وتعزيز قدرتها على استعادة سلطة الدولة اليمنية ومؤسساتها في كافة أنحاء اليمن الشقيق".

وأكد قادة الخليج في بيانهم الختامي على أن "تنفيذ اتفاق الرياض ضمانة لتوحيد الصفوف لمختلف أطياف الشعب اليمني، وحقن الدماء ورأب الصدع بين مكوناته، ودعم مسيرته لاستعادة دولته وأمنه واستقراره".

في الأثناء، تتواصل الجهود السعودية وسط آمال كبيرة بنجاح استكمال تنفيذ اتفاق الرياض لتوحيد صفوف اليمنيين في مواجهة المليشيات الحوثية، ودعم أمن واستقرار وتنمية المناطق المحررة.