صور المالكي تكشف عزلته السياسية بعد التسريبات
تجول المالكي في المنطقة الخضراء حاملاً سلاحا يثير الجدل في العراق

أثار ظهور رئيس ائتلاف "دولة القانون" نوري المالكي، في أحد شوارع بغداد يحمل سلاحا ومعه مجموعة أشخاص يعتقد أنهم حرسه الخاص، عقب عودة الهدوء إلى المنطقة الخضراء بعد اقتحامها من أنصار التيار الصدري مقتدى الصدر، انتقادات واسعة من قبل المدونين والناشطين العراقيين، الذين اعتبروا أنها تكشف عن عزلته السياسية وتؤكد صحة التسريبات الصوتية.
وظهر المالكي في الصورة الأولى وهو يحمل رشاشا ويتوسط مجموعة من الأشخاص مدججين بالسلاح أيضا، بينما ظهر في الصورة الثانية داخل مكتبه وخلفه العلم العراقي وهو يحمل نفس السلاح ومرتديا بِزَّة عسكرية بدت مترهلة ولا تتناسب مع مقاس جسده.
ولاقت صور المالكي سخرية وانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي علّق ناشطون ومدوّنون وإعلاميون على تلك الصور منتقدين هيئة المالكي، واعتبروا أنّه يبدو أشبه بـ"زعيم مليشيا لا رجل دولة".
وقال الصحافي العراقي علي فاضل، الذي نشر الأسبوع الماضي التسريبات الصوتية المنسوبة للمالكي والتي تهاجم مقتدى الصدر، في تغريدة "هذا ما أصبح عليه نوري المالكي! أين هي جحافلك؟ أين هي قواتك وغطاؤها القانوني؟ عليك التفكير من الآن فصاعداً بحماية نفسك مما هو قادم.. يعز من يشاء ويذل من يشاء.. ذلة ما بعدها ذلة".
بدوره، قال الصحافي العراقي سيف الهيتي "من اقترح على المالكي النزول بهذه الصورة، فقد أساء له أكثر مما فعلت التسريبات".
واعتبر مراقبون أن رد المالكي على اقتحام البرلمان بظهوره وحيدا ومحاطا بعدد من الحمايات الشخصية ومدججا بالسلاح، تحمل رسائل خاطئة تدل على قصر النظر السياسي.
ويشير هؤلاء إلى أن الصور المتداولة، وهي لقيادي سياسي المفروض أنه شخصية مؤثرة ولها وزنها في معادلة السلطة في العراق، لكن بظهوره وحيدا محاطا بعدد من الحمايات الشخصية، وليس بجميع أو معظم الشخصيات البارزة في المشهد السياسي والتي تدعي دعمها ووقوفها معه، تعطي انطباعا للمتلقي المحلي والدولي على عزلة المالكي ووجود فجوة بينه وبين أعضاء حزبه وداعميه الأساسيين.
كما أن حمل المالكي للسلاح تدل على أن الرجل يشعر بالتهديد وأنه بات غير محصن، وهي إشارة ضعف لا إشارة قوة.
وظهور هذه الصور بعد تسريبات منسوبة للمالكي يجري التآمر فيها باستخدام أدوات العنف والقتل بحق بعض الخصوم من أجل البقاء في السلطة أو الاستحواذ عليها، يدل على غياب الحكمة فالصور تأتي تأكيدا لهذه التسريبات أكثر منها نفيا لها.
وجاءت تلك الصور عقب اقتحام أنصار زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، للمنطقة الرئاسية المحصنة ببغداد، عصر الأربعاء، والتي تضم مقار ومؤسسات حساسة من بينها البعثات الدبلوماسية ومنازل لكبار قادة القوى السياسية بينهم المالكي احتجاجاً على ترشيح محمد شياع السوداني لمنصب رئيس الوزراء.
ويأتي تحرك أنصار الصدر نحو المنطقة الخضراء شديدة التحصين منسجما مع موقف زعيمهم، لقطع الطريق على الإطار التنسيقي "القوى الشيعية" قبل المضي بمرشحهم نحو قبة البرلمان بغية التصويت على تسميته لرئاسة الوزراء.
وقال صالح محمد العراقي وزير زعيم التيار الصدري، في بيان الخميس، إنها "رسالة استلمتها الأحزاب وفهمها القضاء واستوعبها العالم أجمع"، مضيفا " لعلها تصلح أن تكون رسالة للتطبيعيين والمهادنين وللـ'ميم'".
ونقل العراقي عن الصدر "إذا استمر الفاسدون على غيهم وعنادهم وفسادهم وظلمهم وتبعيتهم وكرههم للوطن، فالشعب إذا كان بهذا الانضباط فيستحق أن يكون هو القائد وهو من يقرر مصيره".
وفي المقابل أعلن الإطار التنسيقي، الخميس، مضيه في تشكيل حكومة عراقية بزعامة محمد شياع السوداني الذي نفى بدوره أنباء انسحابه من ترشيحه لشغل المنصب.
ونقلت وسائل إعلام محلية، بينها قناة "الرافدين"، تأكيد تحالف قوى "الإطار التنسيقي" الشيعية، المضي قدما في تشكيل الحكومة بزعامة السوداني رغم اقتحام البرلمان.
وفي وقت سابق الخميس، أعلن السوداني (52 عاما) التمسك بتكليفه من "الإطار التنسيقي" لشغل المنصب، وفق ما نقلت وسائل إعلام محلية.
وقال السوداني "لا صحة لما تمّ تداوله، ولن أنسحب من هذا الترشيح على الإطلاق (..) الترشيح مسؤولية كبيرة تقع على عاتقي لإنقاذ العراق".
تأتي هذه التصريحات تعليقا على أنباء تحدثت عن نية السوداني الاعتذار عن ترشيحه للمنصب، بعد اقتحام المئات من أنصار الصدر مقر البرلمان مساء الأربعاء، رفضا لهذا الترشيح.
وجراء خلافات بين القوى السياسية لم يتم تشكيل حكومة جديدة منذ إجراء انتخابات برلمانية مبكرة في 10 أكتوبر 2021.
واختار "الإطار التنسيقي"، في 25 يوليو الجاري، السوداني مرشحا لرئاسة الحكومة المقبلة في خطوة جديدة على طريق إنهاء الأزمة المستمرة منذ أكثر من ثمانية أشهر.
وشغل السوداني عدة حقائب وزارية منها وزير حقوق الإنسان، والعمل والشؤون الاجتماعية.
وانقسمت المواقف بشأن ترشيح السوداني بين مؤيد ورافض، حيث تطالب الحركة الاحتجاجية والتيار الصدري بترشيح شخصية لم يسبق لها أن تولت أي منصب حكومي.